وليس أدل على التمثل بين مفهوم الصحيفة ومفهوم الكتاب من أن بعض الصحف والمجلات مثل الأستاذ، والتنكيت والتبكيت، والقطر المصري "التي كان يصدرها أحمد حلمي" وغيرها كانت تتسلسل أرقام صفحاتها من نهاية آخر صفحات العدد إلى بداية العدد التالي، على اعتبار أنها تكون في مجموعها كتابا واحدا متصلا. فلم يكن غريبا إذن أن يكون إخراج هذه الصحف الأولى مماثلا تماما لإخراج الكتب من حيث التبويب ونظام الأعمدة والصفحة الأولى أو الغلاف. وقد دأب المخرج الصحفي على وضع محتويات الصحيفة داخل إطار أسود أن نصف أسود أو ثلث وثلثين أو مزخرف أو مزدوج. وكان المحرر يستعمل عبارات للتقديم أو الافتتاح كالتي تستعمل في الكتب تماما، فهو يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم أو بكلمة "تمهيد" أو "مقدمة" أو "استفتاح"1 غيرها.
وكانت هذه الصحف التي صدرت في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين تستخدم الحروف الكبيرة في الطباعة؛ إذ يتراوح حجم الحرف بين ستة عشر وأربعة وعشرين بنطا لصلب المادة الصحفية، وستة وثلاثين بنطا للعنوان. ويتضح من ذلك مرة أخرى أن هذه الحروف هي التي تستعمل أيضا في طباعة الكتب. ولم يكن هناك أي تنوع في أحجام الحروف كالذي نشاهده في الصحافة الحديثة، وكانت الموضوعات ترتب ترتيبا مسلسلا دون تقديم أو تأخير، وهذا هو طابع الكتب.