ملامحها، فيعرفها القارئ من أول وهلة، ويكون معها ما يشبه الصداقة والألفة، حتى إنه يؤثرها على غيرها، ولا يرضى عنها بديلا.

فالحروف والأنماط "الكليشيهات" هي العناصر الأولية أو المواد الطباعية التي يستخدمها المخرج الصحفي -أو سكرتير التحرير الفني- لتكوين صفحات جريدته أو مجلته. فإذا جاز لنا أن نشبه خطوات الإنتاج بإحضار مواد البناء كالطوب والأحجار والحديد والبلاط وغيرها، كان الإنتاج الصحفي الأول هو إعداد الحروف والصور والرسوم والإعلانات والموضوعات. ثم يقوم المخرج الصحفي بالإشراف على عملية بناء الصحيفة أو إخراجها وفقا لخطة يضعها مقدمة -وفقا لأسس فنية وعلمية- كما يضع المهندس الإنشائي والمهندس المعماري خطة البناء قبل تشييده.

وقديما كانت عملية الإخراج مماثلة تماما للنظم المتبعة في إخراج الكتب، بل إن الصحف نفسها كانت تسمى كتب الأخبار1 وكان يطلق على الصحفي نفسه اسم المؤلف2، وظلت فكرة الناس عن الصحيفة مماثلة لفكرتهم عن الكتاب، فلم يكن غريبا أن تظهر الصحف بمظهر الكتب من حيث الإخراج والتبويب وطريقة الطبع وأسلوب الكتابة والتحرير وغير ذلك. فقد وجدنا مثلا أن رئيس التحرير كان يوقع باسمه في ذيل العمود الأخير من الصحيفة مثل أحمد عبد الرحيم أو عبد الكريم سلمان في الوقائع المصرية، وعبد الله النديم في التنكيت والتبكيت والطائف والأستاذ. وكان طبيعيا أن ترتبط فكرة الإخراج الصحفي بطريقة إخراج أقدس الكتب وأحبها إلى المخرج الصحفي ألا وهو القرآن الكريم. فإذا أراد الطابع أن يتأنق، أخرج الصحيفة في إطارات مزخرفة زخرفة إسلامية كالتي تستعمل في طباعة المصحف الشريف، كما يتضح من إخراج بعض أعداد الوقائع المصرية3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015