والحقيقة أن فن المقال الصحفي هو ثمرة للتقدم الحضاري، فهو بطبيعته لا يزكو إلا في بيئة يتكون فيها الرأي العام، ويتقدم فيها العمل السياسي، وتتصارع بها الآراء والاتجاهات، وينتشر فيها التعليم، وينهض الفنون، وتصبح الديمقراطية اتجاها مقبولا لدى الجميع، وينتقل التفكير من الذاتية والأسطورية إلى الواقعية والموضوعية.
فإذا نظرنا إلى فن المقال الأدبي نفسه لوجدنا أنه قد ظهر في بيئة ملائمة لنشأته، وجد فيها جوا صالحا للنمو والازدهار فمن الثابت أن فن المقال قد رأى النور في عصر النهضة الأوروبية1، حين كانت أوروبا تزيح عن كاهلها كابوس العصور الوسطى، بما فيها من تعصب ديني وضيق أفق وجهل مطبق. وقد