وتعطينا الصحافة الإنجليزية نموذجا طيبا لدراسة ظهور الفن الصحفي وازدهاره عندما تتهيأ الظروف لذلك. وقد صدر أول كتاب أخباري منتظم الصدور في إنجلتزا سنة 1622، وكان يصدر رسميا باسم السلطات الحكومية. وما لبثت الصحف أن غرقت في تيار الثورة الطاحنة، والمنازعات الدامية بين الملكيين والبرلمانيين. أما أول صحيفة إنجليزية بالمعنى المفهوم من اللفظ الحديث من حيث الشكل وثبات الاسم وانتظام الصدور، فهي صحيفة أكسفورد جازيت1 التي صدرت سنة 1665 ثم تحول اسمها إلى لندن جازيت2 بعد عودة الملك والحاشية إلى العاصمة، ولا زالت هذه الصحيفة تصدر رسمية حتى يومنا هذا، وفي نفس حجمها الأصلي.
وقد ساعد إلغاء قانون الترخيص سنة 1695 على ازدهار الصحف، فصدرت أول صحيفة يومية في 11 مارس سنة 1702 وهي "ديلي كرنت3" كما ظهرت صحف أقليمية عديدة. وقد كان للنهضة العلمية والتعليمية واتساع الإمبراطورية أثر كبير في تقدم الصحافة، وتقارب الأفكار، وتهيئة الجو لخلق رأي عام مستنير.
وسرعان ما تدهورت الصحافة الحزبية بعد انشقاقها بين الهويج "الأحرار" والطورى "المحافظين"، وكانت المهاترات بين الجانبين تصل إلى حد الفحش والبذاءة في التعبير. ثم كان للضرائب الفادحة أثر بالغ أيضا في تخلف الصحافة. ومما لا شك فيه أن إلغاء ضريبة الصحف كانت نقطة التحول بين الصحافة القديمة.