نسخة، وبعد عشر سنوات بلغ عددها ستا وعشرين صحيفة وبلغ عدد مشتركيها 180.000 مشتركا.
وكما سقطت الصحافة الأمريكية في وهدة العنف والجنس والإثارة، فيما يسمى بالصحافة الصفراء، سقطت الصحافة الفرنسية أيضا إلى نفس الدرك بصدور صحيفة "لو بيتي جورنال"1 في أول فبراير سنة 1863، وقد كان صاحبها ميللو2 يبيعها بخمس سنتيمات فقط ولكنها كانت مليئة بالأخبار التافهة، وخاصة أخبار الجريمة والحوادث الدامية. والغريب أن حكام فرنسا كانوا يرحبون بهذه الاتجاه، على أنه خير طريقة لتحويل أنظار الناس عن الأمور السياسية والاقتصادية.
والحقيقة أن عصر ازدهار الفن الصحفي في فرنسا يقع في عهد الجمهورية الثالثة وهي التي استمرت حوالي 44 عاما من بعد حرب سنة 1870 إلى بداية الحرب العالمية الأولى. وقد ساعد على ميلاد الفن الصحفي وازدهاره ظاهرة التحضر التي سبق الإشارة إليها، ونعني بها التقدم الصناعي الذي جذب عددا هائلا من سكان الريف إلى المدن، وتحسن طرق النقل والمواصلات نتيجة لتقدم الصناعة واختراع التلغراف والتليفون، وتطور صناعة مواد الطباعة من حروف وكليشهات، واختراع آلة الطباعة البخارية بفضل كونيج الإنجليزي، وبدء استخدام الليونوتيب والروتاتيف أي الطباعة الدوارة. وذلك فضلا عن زيادة عدد القراء نتيجة لظهور الصحيفة زهيدة الثمن، وانتشار الإعلانات وزيادتها.
غير أن التعليم كان قوة دافعة للفن الصحفي، فانتشار التعليم الابتدائي في تلك الحقبة قد ضاعف عدد قراء الصحف، كما تضاعف عدد الناخبين وزاد اهتمامهم بأداء الواجبات المدنية والوطنية ومتابعة الأخبار الصحفية. يضاف إلى ذلك أن التوسع الاستعماري لفرنسا في تلك الفترة، قد ألهب حاسة الفضول عند الجماهير، وحمل الصحف المسئولية إشباع تلك الحاسة. وفي بداية القرن العشرين بلغ عدد الصحف الصادر في فرنسا نحو 6000 صحيفة.
غير أن ظهور الاحتكارات الكبرى ما لبث أن خفض عدد هذه الصحف تخفيضا هائلا. فامتكلت وكالة هافاس خمس صحف، أما وكالة هاشيت فقد كانت قبل الحرب تقوم بتوزيع الصحف بصفة احتكارية، كما تقوم بذلك حتى الآن.