وتقطعت في المفازة بك , والساعة تقول: رأيتك مرة " (?).

وذلك لأنه كان غائباً عن نفسه:

وحكى عن أبي عقال أنه " دخل عليه بعض الفقراء فقال له: سلام عليكم.

فقال له أبو عقال: وعليكم السلام , فقال الرجل: أنا فلان فقال أبو عقال:

أنت فلان , كيف أنت؟ وكيف حالك؟ وغاب عن حالته.

قال هذا الرجل , فقلت له: سلام عليكم.

فقال: وعليكم السلام , وكأنه لم يرني قط.

ففعلت مثل هذا غير مرة , فعلمت أن الرجل غائب فتركته , وخرجت من عنده (?).

وحكاية أخرى حكاها كل من القشيري وابن الملقن وعماد الدين الأموي , وتبيَن حقيقة هذا المصطلح , فينقلون عن الجنيد أنه:

" كان قاعداً , وعنده أمرأته , فدخل عليه الشبلي , فأرادت أمرأته أن تستتر , فقال لها الجنيد: لا خبر للشبلي عنك , فاقعدي.

فلم يزل يكلَمه الجنيد , حتى بكى الشبلي , فلما أخذ الشبلي في البكاء قال الجنيد لامرأته: أستتري , فقد أفاق الشبلي من غيبته (?).

هذا بالنسبة لغيبة الصوفي عن ذهنه وفكره ووجوده , وأما غيبته هو عن الخلق ووصوله إلى الله كما يدَعون , فيروي الأموي " أن الحسن رحمه الله أختفى عند حبيب العجمي من الحجاج , فسعى به , فدخل عليه الشرط , فقالوا: أين الحسن؟ قيل لنا إن الحسن عندك فقال: هل ترون شيئاً؟

ففتشوا الدار كلها وخرجوا وهم لا يرونه , لأنه كان عند الله فلم يروه " (?).

فهذه هي أقاويل المتصوفة في " الغيبة " إحدى مصطلحاتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015