ذهب في الذاهبين إلى الله (?).

ومثل ذلك حكى ابن عجيبة عن الشبلي أنه قال له رجل: أين الشبلي؟

قال: مات , لا رحمه الله (?).

فهذه هي الغيبة الصوفية , يقولون: أن الإنسان ليستغرق في ذكر الله تعالى ومحبته حتى أنه ينسى نفسه , والمعلوم شرعاً وعقلاً أن ذكر الله عز وجل لا يستجلب هذا النوع من الجنون والهذيان , بل يثمر الراحة والاطئنان والسكينة {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} (?).

فنسيان الكون والنفس وذهاب العقل والفهم أمر مذموم , وليس شيئاً محموداً حتى يكون من ثمرات ذكر الله تعالى ومحبته , بل أنها أذواق شيطانية لا تقرها الشريعة الإسلامية.

هذا ويذكر القشيري صوفياً غاب فكره وذهنه وعقله وفهمه , وهو أبو علي الدقاق , فيحكي عن أبي نصر المؤذن بنيسابور أنه قال:

" كنت أقرأ القرآن في مجلس الأستاذ أبي علي الدقاق بنيسابور , وقت كونه هناك وكان يتكلم في الحج كثيراً , فأثر في قلبي كلامه , فخرجت إلى الحج تلك السنة , وتركت الحانوت والحرفة , وكان الأستاذ أبو علي رحمه الله خرج إلى الحج أيضاً في تلك السنة , وكنت مدة كونه بنيسابور أخدمه وأواظب على القراءة في مجلسه , فرأيته يوماً في البادية: تطهر ونسي قمقمة كانت بيده , فحملتها , فلما عاد إلى رحلة وضعتها عنده , فقال: جزاك الله خيراً. حيث حملت هذا.

ثم نظر إليَ طويلاً كأنه لم يرني قطَ , وقال:

رأيتك مرة. فمن أنت؟

فقلت: المستغاث بالله , صحبتك مدة , وخرجت من مسكني ومالي بسببك ,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015