وأيضاً روى عن أبي تراب أنه كان ينشد:
لا تخدعن فللمحبّ دلائل ... ولديه من تحف الحبيب وسائل
منها تنعمه يمرّ بلائه ... وسروره في كل ما هو فاعل
فالمنع منه عطية مقبولة ... والفقر إكرام ولطف عاجل
ومن اللطائف أن يرى من عزمه ... طوع الحبيب وإن ألح العاذل
ومن الدلائل أن يرى مبتسما ... والقلب من الحبيب بلابل
ومن الدلائل أن يرى متفهماً ... لكلام من يحظى لذيه السائل
ومن الدلائل أن يرى متقشفاً ... متحفظاً من كل ما هو قائل (?).
وذكر ابن عربي في كتابه " محاضرة الأبرار " كثيراً من الأبيات الغزلية التي يتهمّ الصوفية بالاستماع إليها , فمنها ما ذكرها تحت عنوان " من السماع الصوفي " فيقول:
" وسماعنا على قول كثّير عزّة ":
لقد حلفت جهداً بما حلفت له ... قريش غداه المأزمين وصلّت
وكانت لقطع الحبل بيني وبينها ... كناذرة نذاراً فأوفت وحلّت
فقلت لها يا عز كلّ مصيبة ... إذا وطّنت يوماً لها النفس ذلت (?).
وقال أيضاً:
" وسماعنا على قول ابن الدمنية:
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ... لقد زادني مسراك وجداّ على وجد
لئن هتفت ورقاء في رونق الضحى ... على فنن غضّ النبات من الزند
بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن ... جليداً وأبديت الذي لم يكن يبدي
وقد زعموا أن المحب إذا دنا ... يملّ وأن النأي يشفي من الوجد
بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار خير من البعد
على أن قرب الدار ليس بنافع ... إذا كان من تهواه ليس بذي ودّ (?).