التأويل» (?) فلو كان التأويل مسموعا كالتنزيل فما فائدة تخصيصه بذلك (?)؟
والحق أن المتأمل والناظر بعين الإنصاف يجد أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يفسر كل معانى القرآن لأصحابه، وإلا لما اختلفوا فى معنى بعض الآيات، ولو كان عندهم من الرسول صلى الله عليه وسلم فيه نص ما وقع هذا الاختلاف، أو لارتفع بعد الوقوف على النص.
ويجد أيضا أنه صلى الله عليه وسلم لم يفسر لهم ما يرجع فهمه إلى معرفة كلام العرب، لأن القرآن نزل بلغتهم، كما لم يفسر لهم ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وحقيقة الروح، وإنما فسر لهم صلى الله عليه وسلم الكثير من معانيه- غير ما تقدم- كما تشهد بذلك كتب الصحاح وما ذكره أصحاب المذهبين لا ينهض لإثبات مدعى كل منهما.
فأصحاب المذهب الأول يستندون إلى الآية وهى لا تثبت المدعى لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبين لهم ما أشكل عليهم فهمه من القرآن لا كل القرآن، وما روى عن الصحابة فى أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها لا ينتج المدعى أيضا، لأن غاية ما يفيده أنهم كانوا لا يجاوزون ما تعلموه حتى يفهموا المراد منه، وهو أعم من أن يفهموه من النبى صلى الله عليه وسلم أو من غيره من الصحابة، أو من تلقاء أنفسهم حسبما يفتح الله به عليهم من النظر والبحث والاجتهاد.
وكذلك ما استدل به أصحاب المذهب الثانى مقصور على إثبات المدعى، لأن حديث عائشة رضى الله عنها منكر غريب لأنه من رواية محمد بن جعفر الزبيرى وهو مطعون فيه.