الفصل الثالث فى طرق معرفة النسخ

لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول فى شىء من القرآن والسنة: هذا منسوخ إلا بيقين. وكل ما أنزل الله تعالى فى القرآن، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ففرض اتباعه. فمن قال فى شىء من ذلك إنه منسوخ فقد أوجب ألا يطاع ذلك الأمر، وأسقط لزوم اتباعه، وهذه معصية لله تعالى إلا أن يقوم برهان على صحة قوله وإلا فهو مفتر مبطل، ومن استجاز خلاف ذلك فقوله: يؤول إلى إبطال الشريعة كلها، لأنه لا فرق بين دعواه النسخ فى آية ما أو حديث ما، وبين دعوى غيره النسخ فى آية أخرى وحديث آخر. فعلى هذا لا يصح شىء من القرآن والسنة، وهذا خروج عن الإسلام، وكل ما ثبت باليقين فلا يبطل بالظنون، ولا يجوز أن تسقط طاعة أمر أمرنا الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا بيقين نسخ لا شك فيه (?).

فإذا ما تعارض نصان وتنافيا: فإما أن يكون هذا التعارض من كل وجه أو من وجه دون وجه. فإن تنافيا من كل وجه تنظر: هل هما معلومان؟ أو مظنونان؟ أو أحدهما معلوم والآخر مظنون؟ فإن كان النصان معلومين أو مظنونين فإما أن يعلم تأخر أحدهما عن الآخر أو اقترانهما أو لا يعلم شىء من ذلك. فإن علم تأخر أحدهما عن الآخر فهو ناسخ، والمتقدم منسوخ، وذلك قد يعرف بواحد مما يلى:

1 - أن يكون فى أحد النصين ما يدل على تعيين المتأخر منهما،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015