وأما نقلا فلمثل قوله تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (?) نعم إن نسخ الخبر دون مدلوله جائز وله صورتان إحداهما: أن تنزل الآية مخبرة عن شىء، ثم نسخ تلاوتها فقط والأخرى: أن يأمرنا الشارع بالتحدث عن شىء ثم يهانه أن نتحدث به.
وأما الخبر الذى ليس محضا بأن كان فى معنى الإنشاء، ودلّ على أمر أو نهى متصلين بأحكام فرعية عملية فلا نزاع فى جواز نسخه، والنسخ به لأن العبرة بالمعنى لا باللفظ.
مثال الخبر بمعنى الأمر: قوله تعالى:
تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً (?) فإن معناه ازرعوا.
ومثال الخبر بمعنى النهى: قوله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ (?).
فإن معناه لا تنكحوا زانية أو مشركة- بفتح التاء- ولا تنكحوهما- بضم التاء. والفرق بين أصول العبادات والمعاملات وبين فروعها أن فروعها هى ما تتعلق بالهيئات والأشكال والأمكنة والأزمنة والعدد أو هى كمياتها وكيفياتها. وأما أصولها فهى ذوات العبادات والمعاملات بقطع النظر عن الكم والكيف.
هذا وما قلته من قصر النسخ على ما كان من قبيل الأحكام الفرعية هو الرأى السائد الذى تستريح النفس إليه، وهناك آراء مغايرة حرىّ بمن