وذهب بعضهم إلى القول بأن لفظ النسخ حقيقة فى النقل مجاز فى الإزالة، لأن اللفظ كثر استعماله فى النقل، وقل استعماله فى الإزالة فجعل حقيقة فيما كثر استعماله فيه، ومجازا فيما قلّ استعماله فيه حيث إن الحقيقة أكثر من المجاز، ولا يصح جعله حقيقة فيما قلّ استعماله فيه كما هو حقيقة فيما كثر استعماله فيه، لأن ذلك يؤدى إلى الاشتراك اللفظى والمجاز خير منه. وهذا القول للقفال رحمه الله (?).
وذهب الإمام الرازى وأبو الحسين البصرى (?) رحمهما الله إلى القول بأن اللفظ حقيقة فى الإزالة مجاز فى النقل، ووجهتهما فى ذلك أن النقل أخص من الإزالة، لأن النقل إعدام صفة وإيجاد صفة أخرى، والإزالة مطلق الإعدام، وجعل اللفظ حقيقة فى الأعم أولى من جعله حقيقة فى الأخص، لأن الأعم فيه تكثير للفائدة، والأخص فيه تقليل لها وتكثير الفائدة أولى.
على العموم اتفق العلماء على أن لفظ النسخ استعمل فى المعنيين السابقين وأن كلا من الحقيقة والمجاز سائغ فى اللغة وخلافهم بعد ذلك فى كون اللفظ حقيقة فى كليهما، أو حقيقة فى أحدهما دون الآخر خلاف لا يترتب عليه كبير فائدة.
عرّف النسخ فى الاصطلاح بتعاريف كثيرة منها ما اختاره القاضى أبو بكر الباقلانى، وأبو إسحاق الشيرازى وأبو حامد الغزالى والآمدى وغيرهم رحمهم الله حيث قالوا: