قيل لهم: فيكون دليلكم على امتناع كون الازلي ساكناً من جنس دليلكم على امتناع كونه متحركاً، وهو تناهي الحوادث، وقد تقدم الكلام فيه.
فإذا قالوا: (السكون أمر وجودي فإذا كان قديماً امتنع زواله، لأن ما وجب قدمه امتنع عدمه، لأن القديم إما أن يكون واجباً بنفسه أو من لوازم الواجب بنفسه) .
قيل لهم: هذا مثل أن يقال: عدم الفعل هو تركه، وترك الفعل أمر وجودي، فإذا كان قديماً امتنع عدمه، لأن ما وجب قدمه امتنع عدمه.
فإذا قالوا: (عدم الفعل ليس هو تركاً وجودياً) أمكن أن يقال: عدم الحركة ليس هو سكوناً وجودياً.
وقد ضعف الآمدي وغيره هذه الحجة: حجة الحركة والسكون، وهي فاسدة على أصول من يقول بان الأعراض لا تبقى زمانين من هذه الجهة، وهي في الأصل من حجج المعتزلة الذين يقولون بجواز بقاء الأعراض، لكن من ينازعهم من الهشامية والكرامية وغيرهم: ممن يقول بإثبات جسم قديم، وأنه قام به من الفعل ما لم يكن قائماً - سواء سموا ذلك حركة، كما يقر بعضهم بذلك، أو لم يسموه حركة كما يمتنع بعضهم من ذلك - فإن المقصود المعاني العقلية لا الإطلاقات اللفظية.