الساكن متحركاً بدون سبب حادث أصلاً، لأنه يمكنه ترجيح أحد طرفي الممكن بلا إحداث الاجسام التي تكون ساكنة ومتحركة أعظم من إحداث نفس حركاتها، فإذا أمكنه إحداثها بدون سبب حادث فإحداث حركاتها أمكن وأمكن.

ويقال لهم: لو خلق الباري تعالى جسماً ساكناً ثم أراد تحريكه بدون سبب حادث: أكان ذلك ممكناً أو ممتنعاً؟

فإن قلتم: (يمتنع ذلك) بطل مذهبكم ودليلكم.

وإن قلتم: (يمكن ذلك) قيل لكم: فالقول في زوال ذلك السكون كالقول في زوال غيره.

فإنه يقال: السكون أمر وجودي، وذلك السكون الوجودي لا بد له من سبب.

وحيئنذ فتجيء مسألة زوال الضد: هل هو بإحداث ضد آخر، أو بإحداث عدمه، أو بخلق فناء، أو نفس الاعراض لا تبقى؟ فيقال في هذا ما يقال في ذلك.

ومن قال: (السكون الوجودي لا يبقى زمانين بل ينقضي شيئاً فشيئاً) .

قيل له: فكذلك إذا قدر السكون قديماً فإنه لا يبقى زمانين، بل يحدث شيئاً فشيئاً، وحينئذ فكل جزء من أجزاء السكون ليس هو قديماً بنفسه، كما قلتم في كل جزء من أجزاء الحركة: ليس هو قديماً بنفسه.

فإذا كان القائلون بأن السكون أمر وجودي يقولون: إنه يتجدد شيئاً فشيئاً كما يقولون مثل ذلك في الحركة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015