فإذا قال من قال من معتزلة البصرة: (إن إفناء الاجسام بإحداث فناء لا في محل، كما إن إحداثها بحدوث إرادة لا في محل) والتزموا حدوث عرض لا محل له، وحدوث الحوادث بلا سبب حادث، وأن من الحوادث ما يحدث بدون إرادة، وقالوا: لا يزوال الضد إلا بحدوث ضده.

قال لهم هؤلاء: فكذلك إذا قدرنا جسماً قديماً متحرك بعد أن كان ساكناً، كان زوال ذلك السكون بحدوث ضده من الحركة وحدوث ذلك بما به يحدث المنفصل، ومن قال: (العرض يعدم بإحداث إعدام) كما هو أحد القولين لمتكلمة أهل الإثبات من الأشعرية والكرامية وغيرهم، قالوا: ذلك السكون يعدم بإحداث إعدام والقول في سبب حدوث الإعدام كالقول في حدوث سبب الإحداث.

وإن قالوا: (إن السكون ينقضي شيئاً فشيئاً كما تنقضي الحركة شيئاً فشيئاً) كما قالوا مثل ذلك في سائر الأعراض - كما هو أحد قولي أهل الإثبات من الأشعرية وغيرهم - قالوا لهم: فالسكون إذن كالحركة، فكما أن الحركة متعاقبة الأجزاء فكذلك السكون.

ولا ريب أن هذه الأمور تلزم المستدلين بدليل الحركة والسكون لزوماً لا محيد عنه، وإنما التبس مثل هذا لأن الواحد من هؤلاء يبنى على المقدمة الصحيحة في موضع، ويلتزم ما يناقضها في موضع آخر، فيظهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015