بالصَغَار. وأشار إِلى العقوبة على تركِ الإِسلام بقوله: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله .. ولا يحرمون ... ولا يدينون دين الحق}. واقترانُ الفعلِ بالوصف المناسب يفيد التعليلَ به، لقوله: {فاقتلوا المشركين}، "واقطعوا السارق"، "واجلدوا الزاني". ولأنّ الجزية بَدَلٌ عن القتل؛ وهو عقوبةٌ على الكفر؛ وبَدَلُ العقوبةِ عقوبةٌ.
وأمّا القول بأنّ الجزية عِوَضٌ عن العصمة أو السكنى، فيه ضعفٌ من جهة أنّا نَعلَم أنّ مقصودَ الشارعِ وانصراف همتّه بالكلّيّة إِنما هي إِلى تحصيل الإِيمان والزجر عن الكفر، لا إِلى المعاش والتجارة. ولا شكُ أن المعاوَضَة ضربٌ من التجارة؛ والشرعُ وَرَدَ زاجرًا، لا تاجرًا. والذي يحقِّقُ هذا أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يتألّف الواحدَ من الكفّار على الإِسلام بالمال العظيم. كالذي أعطاه غَنَمًا بين جبلين، فأسلم هو وقومُه، وقال: "يا قوم! أسلِموا! فإِنّ محمّدًا يُعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفاقة". ومه هذا، يَبعُد جدًا أنّه تَمَاكَسَ ذمّيًّا أَسلَمَ على أجرة دارٍ سنةً، مع أنّ همّة أهل الذمّة دنيئةٌُ؛ فربما رغب أحدُهم في الإِسلام طمعًا أن تسقُط عنه الجزيةُ للعام الماضي. فإشذا لم تسقُط عنه، امتنع غيرُه من الإِسلام، لفَواتِ ما يُرغَب فيه. وبهذا التقرير، يَتّجه أن يقال: تسقُط عمّن أسلَم منهم، دون من مات كافرًا- وهو مذهب أحمد رحمه الله- لأنّ الكافر أهلٌ للعقوبة. وأصلُ العقوبة أن تكون في بدنه القتل. ثمّ انتقَلت إِلى ماله، بعقدِ الذّمةِ؛ ومالُه باقٍ؛ وقد استُحقّت فيه.
وأمّا شريك الأب في القتل، فيجب القصاصُ عليه. وهو قول مالكٍ والشافعيّ وأحمد؛ لأنّ المقتضى للقصاص قائمٌ في حقّهما. ولهذا أوجبَه مالكٌ على الأب إِذا ذَبَح ولدَه، ونحوه من الأفعال التي لا تحتمِل التأديبَ؛ بخلاف ما لو حَذَفَه بسيفٍ ونحوه، لاحتماله ذلك. وإِنما قلنا: "إِن المقتضى قائمٌ"، لأنّ مقتضى القصاص هو القتل العمد