الله سبحانه جرت أنّه لا يُكرِم بخوارق العادات إِلاّ متأدّبًا مراقبًا خائفًا من المكر والاستدراج، لا أحمق يعدو طورَه، ويتجاوز حدَّه. فصار امتناعُ ذلك من المعلومات العاديّة، كانقلاب الجبال ذهبًا، والبحار عسلًا.
الثانى: أنّ النبيّ مأمورٌ بإظهار المعجزة. ويجوز افتخاره بها. بخلاف الولّى فيهما.
الثالث: أنّ المعجِز أمانٌ للنبيّ من المكر والاستدراج بخلاف كرامة الوليّ؛ فإِنّه يجوز أن يكون مخادَعًا مستدرَجًا.
ومنها أنهم أنكروا أنّ السحرَ حقيقةٌ، وإِنما هو تخييلٌ وتمويهٌ؛ إِذ لو كان له حقيقةٌ لالتبس بالمعجزات، لأنّه يخرق العاداتِ، فتَبطُل النبوّاتُ؛ ولَما جاز تسليطُه على الأنبياء؛ لأنهم معصومون.
والجواب: إِنّ التباسه بالنبوّات يرتفع بأنّ السحر تجوز معارضَتُه؛ بخلاف المعجِز. فإِن قيل: "قد يوَجد في السحرة مبرزٌ لا يعارَض سحرُه"؛ فالجواب أنّ صيانة النبوّاتِ لازمٌ شرعًا. فيلزم إِمّا سلبُه القدرةَ على السحر، أو تقييضُ المعارِض، كالمتحدّي بالكرامة. وأمّا عصمة الأنبياء، فهي لمن شاء الله منهم، وفيما يختصّ بتبليغ الوحي عن الله، لا مطلقًا. إِذ قد سِلَّط الكفّارَ على قتل الأنبياء وأذاهم؛ فكُسرت رباعيّةُ النبيّ عليه السلام يوم أُحدٍ، وأدمى وجهُه، وسلَّط إِبليسَ على أيّوب ومالِه وولدِه. فتسليط السحر عليهم كتسليط سائر الآفات.
وقد صرَّح بثبوته الكتابُ والسنّة في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين} الآية. فجعله متلوًا، ومعلَّمًا، ومنزَّلًا، ومفرِّقًا بين المرء وزوجه، ومكفِّرًا بتعلُّمه. وذلك فيما لا حقيقة له محالٌ. وسُحر النبيُّ عليه السلام وعائشةُ وغيرهما. وأَوجب الشافعيُّ وأحمدُ في القتل به القَوَدَ. وإِثباته بما لا حقيقة له محالٌ على مثلهما. وما شُنِّع به عليهما في ذلك، من أنه خلاف لإِجماع، ليس بشيءٍ؛ لأنّ مقدورات الله سبحانه لا تتناهى؛ ففي مقدوره ترتيبُ القتل عند فعل السحر؛ لأنّه يَنقُض الطباعَ، ترتيبُ القتل عند فعل السحر؛ لأنّه يَنقُض الطباعَ،