وسواسِ الشيطان وإِضلالِه بروحٍ منه "؛ كقوله: {وأيدناه بروح القدس}.
وقد جاء في الآثار أنّ الأرواح متعدّدةٌ؛ فروحٌ عامةٌ في الناس بحسب الإِنسانيّة وروحٌ اختُصَّ بها المؤمنون على الكفّار، وروحٌ اختُصَّ بها الأولياءُ، وروحٌ اختُص بها الأنبياءُ، وروحٌ اختُصَّ بها المسيحُ صلّى الله عليه وسلم. فقوله، "بُروحٍ مِنْهُ"، تحتمِل أنّ الضمير للإِيمان؛ أي أيّدهم بروحٍ من الإِيمان، وهي روح الإِِيمان، ويحتمَل أنّ الضمير لله؛ أي أيّدهم بروحِ من فضله، أو من عصمته. فبواسطة ذلك الروح، يفعل فيهم الإِيمانَ؛ وبواسطة الروح الخبيث الشيطانىّ يخلق في الكافر الضلالَ؛ أو بواسطة الدواعي، كما سبق.
فمنها قوله تعالى: {وقذف في قلوبهم الرعب}. وليست من حجج الباب. ولكن ذكرناها نظيرًا لخلقِ الكفرِ في القلب، لمن يُنكِر ذلك، أو يَستبعد تصوُّرَه. فنقول: خلقُ الكفرِ في القلبِ كقذف الرعبِ فيه؛ إِن كان بالمباشَرة، فالمباشرة؛ أو بالواسطة، فبالواسطة.
ومنها قوله سبحانه: {ولا تجعل في قلوبنا للذين آمنوا}. وجعل الكفر في القلب كجعل الغل فيه.
ومنها قوله تعالى في صفة نفسه تعالى: {الجبار} روى عبد الرزّاق، عن مَعْمَرٍ، عن قتادة، قال: "جَبَر خلقَه على ما أراد". وهذا التفسير، إِن ثبت، فهو على ما قرّرناه أوّلًا من التصرف الكونيّ. أمّا التصرف التكليفيّ، فلا جبر فيه. وقيل: "الجبُار: المصلِح للأمور"، مِن "جَبرتُ العظمَ"، أو الكسر"، إِذا أصلحتُه. وقيل: "الجبّار: "المصلِح للأمور"، مِن "جَبرتُ العظَ، أو الكسرَ"، إِذا أصلحتُه. وقيل: "هو العالى الذي لا يناله أحدٌ"، مِن قولهم، "نخلةٌ جبّارةٌ، إِذا طالت. فالله سبحانه لا تُدرِكه