الفاعل، دَلَّ على أنّ الفاعل غيرهم. وليس إِلاّ أنّه سبحانه أَشَربَ قلوبَهم حُبَّ العِجلِ، أي أَلهمها إِيّاه حتى شَرِبَته وتَشَرَّبته وتغلغَل فيها تغلغُلَ الماء في الشجرة، ونحوه. وقد سبق قول موسى، "ربّ أنت أضللتَ قومى".
ومنها قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}. وجه دلالتها أنّه امتَحَن الناسَ بتحويل القِبلة، ليَعلَم المتابعَ مِن المنازِعِ، مع عِلمِه بأنّ منهم مَن يُنازِع ولا يُتابِع. وتمام الاستدلالِ بها كما سبق في سجود إِبليس وغيره. وقوله، {إلا لنعلم}؛ يعني العلمَ المشتَرك بنيه وبين الخلق، كما سبق.
ومنها قوله تعالى: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك}. وما ذاك إِلاّ لأنّه مَنَعَهم عن اتِّباعِه بخلق الدواعي وإِقامة الصوارف. وإِلاّ، فلا خلاف في أنّه قادرٌ على أن يَلطُف لهم ويُزيل عنهم الشبه، حتى يَعلموا صحّتها، فيتابعوها. فما صار المنعُ إِلاّ من قِبله. ومِن بابه، قوله تعالى: {إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون}، {ولو أننا نزلنا إِليهم الملائكة}، إِلى قوله: {كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله}.
ومنها قوله تعالى: {زين للذين كفروا الحياة الدنيا}. وذلك إِعانةٌ لهم على الكفر والطغيان، وإِمدادٌ لهم فيه. وقد كان الأصلح لهم أن يُزَهِّدهم فيها كما زَهَِد فيها أولياءَه. وإِذا جاز أن يُعينَهم على الكفر، جاز أن خلقه فيهم. وقد صرّح اللهُ تعالى بقوله: {كذلك زينا لكل أمة عملهم}.
ومنها قوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من