الشرَّ، فأهلَكَه، أو عاقَبَه، لدفعِ شرَّه. ونَزَّلنا علمَه سبحانه المحقَّق منزلِةَ صدورِ المعصيةِ مِن ذلك الشرّير بالفعل، كما اتّفق العقلاُء على قتلِ الحيّة، حتى الصغير الذي لا يؤذِي، لخُبثِ نفسِه وشرِّ طبيعتِه.
وقد قال ابن قتيبة في قوله تعالى: {وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالأجرة ممن هو منها في شك}، الآية: "إِنّ عِلم اللهِ على ضربين: خاصُّ به لا يُظهِر عليه غيرَه؛ فهذا، لعدل الله، لا يُحتَجّ به على خلقِه. والضرب الثاني مشترَكٌ بينه وبين خلقِه، وهو الذي تقوم به الحجّة الظاهرة عليهم. فقوله، {إلا لنعلم}، يعني العلمَ المشترَك الذي تقوم به الحجّةُ عليهم وإِلاّ، فقد عَلِم اللهُ تعالى قبلَ خلقِهم مَن يؤمِن ممّن لا يؤمِن". هذا معنى كلامه.
وقد صَرح الله سبحانه بنحو هذا فيما صَحَّت به عنه السنّةُ، حيث قال: "إِنّ مِن عبادي مَن لا يُصلِحه إِلاّ الفقر. ولو أغنيتُه، لأفسَدَه الغنى. وإِنّ مِن عبادي مَن لا يُصلِحه إِلاّ الغنى. ولو أفقرتُه، لأفسَدَه الفقرُ". وذَكَر مِثلَ ذلك في المرض والصحّة. ثمّ قال: "إِنى أدَبِّر عبادي بعلمي فيهم؛ أني عليمٌ خبيرٌ".
وأمّا أنّه واقعٌ، فلأنّ الله سبحانه أَذِنَ للخضر في قتلِ الغلامِ، لعلمهِ أنّه إِن عاش، أرهَق أبويه طغيانًا وكفرًا. وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الغلام طُبِع كافرًا؛ ولو عاش، لأرهَق أبويه طغيانًا وكفرًا"، غَضِب، وقال: "وما يدريك؟ إِنّ الله خَلَقَ للجنّة والنار خلقًا وهم في أصلاب آبائهم. "قالت: "أرأَيتَ مَن لم يَبلُغ الحُلُمَ؟ " قال: "الله أعلم بما كانوا عاملين". وهذا حُكمٌ فيهم بالعلم. وقد ورد أنّه بالآخرة تُؤجَّج لهم نارٌ يُمتحَنون بها.