وقد عني بالحسبة علماء المذهب الحنبلي أشد العناية وصنف في أركانها وأبوابها كثير من علمائهم الأولين والآخرين1
ولم تنس حقوق أهل الصلاح والتعفف والشهداء في الحروب على بيت المال، فوظفت لهم ولأولادهم وذراريهم الوظائف فيه، وجعلت حقوق هؤلاء حقوقا ذات قدسية، فيجب أن تؤدى لهم حتى لو عجز بيت المال، وكان على ذوي اليسار من الناس عند عجز بيت المال أن يسدوا حاجات هؤلاء، وعلى من يطوع فيعطي مع أهل اليسار. وقد سد الأغنياء وذوو المروءات هذه الحاجات عن رضا وطيب خاطر، لا عن خوف أو انقهار.
ولم يكن فرض هذه الأنظمة بمانع من الشر أو قاطع لدابر الأشرار. ومن أجل هذه الطبائع البشرية فرض الثواب وضرب العقاب، ومن ثم فقد كان على هذه الدولة وهي تبذل أقصى جهدها في تسديد خطى الناس وإسعاد حياتهم وقضاء حقوقهم أن تأخذ حقها، وأخذ الحق كثيرا ما يكون بإنزال العقاب.
وقد رأى الإمام محمد بن عبد الوهاب أن ينْزل العقاب خفيفا وثقيلا، ولكنه أنف أن ينْزل عقابا بمذنب غدرا أو سرا، بل أمر أن يؤخذ المذنبون بذنوبهم جهرا حتى يبدي المجرم صفحته وعذره، وحتى يرتدع من تحوم في صدره نية الإثم والتمرد والفساد.
طريق الحاج:
ولقد وقع طريق الحاج في عصور مظلمة استمرت طويلا، فلم يكن