فما لبثت قبائل قحطان أن دخلت في مذهب التوحيد وبالغت فيه كل مبالغة. وكان أكثر القحطانيين يسكن بأطراف العارض من نجد، فأخذوا على أنفسهم عهدا لآل سعود أن يطوعوا تهامة اليمن وأهل حضرموت والشحر وما جاورهم من أرض الحجاز.
واعتنقت زعاب -أهل جزيرة الحمراء- مذهب التوحيد، وكانوا تحت إمرة القواسم أصحاب رأس الخيمة، فلما دخلت زعاب في المذهب كان دخولها سببا في تحررها من إمرة القواسم وظلمهم. فلم يمض غير قليل حتى صاروا أندادا لسادتهم الأقدمين في البر والبحر. وحين قويت زعاب كل هذه القوة أغرى ذلك القواسم فدخلت في المذهب حتى تحتفظ بمكانتها وقوتها1.
وكان بنو عتبة على خوف دائم من العجم فلم يروا منقذا لهم من هذا الخوف إلا أن يدخلوا في الوحدة العربية الجديدة وتحت راية مذهبها فدخلوا وأخلصوا الدين لله فأمنوا على أنفسهم وسكنوا نواحي البحرين في أقرب جوار للعجم من غير أن يفزعهم عدو أو يقلقهم خوف.
وأقبل بدر حاكم مسقط في أخريات أيامه فاعتنق المذهب وأخلص في اعتناقه، وكان دخوله فيه دخولا مثيرا أكثر من دخول الحكام والقبائل. إذ كان بدر إباضيا من الخوارج وكان مقاتلا شجاعا وطالما ناصب آل سعود العداء. وقد أحسن بدر لاسمه في التاريخ إذ لا يبقى في هذه الحياة إلا الاسم والذكرى، وأحسن إذ دخل في وحدة عربية وحتى لو لم تدم غير أيام ومهما كان جزاؤه ظالما من قومه الإباضية بأن اغتالوه لخروجه