واحتدمت الخصومة بين الدرعية من جانب وبين الرياض والعيينة من الجانب الآخر، إذ رأى البلدان معونة الدرعية للدعوة قد شددت من أزرها وأعانت على انتشارها، وشن شيخ الرياض الغارة على الدرعية فاستشهد في الغارة ولدان للأمير ابن سعود. فلم يكن من الدرعية إلا أن ساقت عسكرا جرارا من الموحدين المطهرين لتأديب المعتدين، غير أن التناوش ظل بينهما ثمانية وعشرين عاما كان يعلو فيها شأن الشيخ والأمير وينتشر مذهبهما، ويسفل فيها شأن أعدائهما حتى ظفر عبد العزيز بن محمد بعدوه ودانت الرياض له ولأبيه1.
وأما العيينة فلم تزل تطغى حتى قتلت أميرها عثمان بن معمر غيلة فاستفز الغضب أمير الدرعية واستفز أهلها، فنصح الشيخ له ولابنه أن يصبرا، حتى إذا مضت تسع سنوات جهز عبد العزيز جيشا من أربعة آلاف مقاتل ودخل به العيينة عنوة وقوضها تقويضا، فلم يبق بها من أهلها إلا من دخل في الطاعة والمذهب إيمانا أو خوفا. وبفتح العيينة دخلت نجد كلها تحت لواء سياسي واحد ومذهب في الدين صاف سليم2.
القبائل والأطراف:
وحين توحدت نجد تحت راية المذهب والإمارة السعودية قويت الدولة، وسواء أكانت قوتها3 من المذهب أم كانت قوة المذهب منها فقد أقبلت القبائل من حول نجد تدخل في وحدة سياسية دينية كان من شرف القبائل دخولها والسبق إليها، كما كان شرفا لكل سابق إلى الإسلام من الجاهلية القديمة فلا يحسب دخوله فيه ذلة ولا انقهارا.