وواصل الشيخ أيامه في نشر الدعوة بالوعظ وكتابة الرسائل لعلماء الأمصار مكتفيا بهذه الوسائل السلمية زمانا1. حتى إذا لمح ببصيرته مستقبل الأيام أخذ يعد للمستقبل من القوة ومن رباط الخيل ما استطاع، وأمر شباب الدرعية أن يتعلموا رمي البندق وتسديد الرمي. والرمي سنة عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ومن بعض حديثه يحث على الرمي قوله: " ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا "2 ومنه في تفسير قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال من الآية: 60] ، قوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو على المنبر: " ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي" 3. وقد حرص عليه الأئمة وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أشد الناس حرصا عليه وأجاده الشافعي الإمام حتى قالوا: إنه كان يرمي فيصيب من عشرة الأهداف العشرة بكاملها4.

ولم يقتصر الشيخ على الكلام في التوحيد وتدريب الشباب على الرمي ولكنه دخل في المعركة الحامية قبل أن تبدأ فجعل يحث النفوس على الصبر وتحمل الأذى إذا احتدمت بينهم وبين خصومهم العداوة، ولا بد أن تحتدم، وكان -من قبل- قد رأى الخصومة في اليمامة، وليست البلدان والبوادي أفضل من اليمامة إيثارا للحق وصبرا عليه.

واجتمع الأمير والشيخ وأهل الدرعية ومن والاهم فشادوا مسجدا جامعا5 يؤمه المصلون من رجال ونسوة للصلاة والدرس. وفرش المسجد بالحصباء تشبها بمسجد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وجعل التعزير عقوبة مَنْ لا يحضر الجماعة، فلما قويت الدعوة اشتد التعزير6.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015