وأما في تدينه فقد كان زاهدا كثير التعبد في السر دءوبا على العبادة دون التفاخر بها رياء وسمعة.

وهذه المحاسن في الشيخ ابن سعود رآها الشيخ ابن عبد الوهاب فرآه أصلح الأمراء لقبول مذهبه في تجريد التوحيد من شوائبه كما رآه أهلا للذود عنه والاقتدار على إذاعته ونصرته. وما كاد ابن عبد الوهاب يدخل إلى الدرعية مهاجرا حتى قبل الأمير دعوته، ووشيكا خلع عن نفسه لقب الشيخ وأمر أن لا يطلق إلا على رجل من أهل العلم والدين.

وكان ابن سعود قد سمع بصاحبه وراقت له دعوته إلى الاستقامة والجد وإصلاح المعوج، ومن أجل ذلك هب إليه عجلا في بيت تلميذ من تلاميذه نزل عليه بالدرعية وكان ذلك في سنة 1150 هـ - 1737 م1 فذهب إليه مرحبا به مؤمنا هو وابنه عبد العزيز، وسرعان ما اتفق الرجلان على التعاون فيما بينها؛ الشيخ لدعوته ورعايتها ولزعامة دينية يرثها من بعده أبناؤه وأحفاده وذريته -متى صلحوا لها-. والأمير للرياسة الزمنية ويرثها بنوه وذريته من بعده، ولا تنعقد معاهدات أو تمضي أمور ذات شأن من حرب أو صلح إلا باتفاق منهما. واتفق الرجلان.

وانبرى الشيخ يدرس للأمراء ولمن يحضره كل يوم كتاب التوحيد - ولعله الذي كان أشار إليه وهو في يده يوم اليمامة- وظل يرغب أهل الوادي في اتباع خالص التوحيد لله من غير شائبة من شرك أو شبهة. فلم يمض غير عام واحد حتى صار أهل الوادي كلهم على التوحيد الخالص، سوى أربعة رجال ادعوا أنه مبتدع، فلما رأوا قومهم قد اتبعوه وأحسوا بانفرادهم رحلوا بأهلهم وأموالهم من الدرعية إلى قرية من قرى القصيم2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015