1150هـ جاءه أفذاذ وجماعات من أهل نجد من أهله ومن غير أهله يبايعونه على النصرة والتأييد.
وفي كلمات قليلة كان يصوغ عظاته وتعاليمه، فإذا طلب إليه أو رأى الحال تدعو إلى مزيد زاد كلامه شرحا وإثباتا بالأدلة. ولم يكن معه من قوة تسنده غير حجته وعصبيته في أهله -شأن كل داع في أيامه الأولى.
ولكن كان في أهله -ككل أهل- حساد له وجهلة مدعون، والحسد دنيء -كما قال ابن المقفع- ومن دناءته أنه موكل بالأقرب فالأقرب. فجادله ابن عمه السناني عبد الله بن حسين وجرحه بسيفه، ثم احتشد له شذاذ القبائل فلم يجد بدا من الهجرة إلى تميمي يكون أقوى من هؤلاء فرحل إلى العيينة، واتفق مع حاكمها عثمان بن حمد بن معمر على إقامة الدين علما وعملا، واجتمع إليهما الوجوه والأعيان، وقاموا بأول خطوة عملية في تقويض الطقوس المبتدعة في الدين فهدموا القباب المنصوبة على الأضرحة لمخالفتها لعقيدة التوحيد1.
ووجه الداعية المصلح بكتبه إلى علماء المسلمين في كل مصر يعرفه مبديا لهم ما أصاب الإسلام بين أعينهم، وجعل يحضهم على أن يدخلوا معه في دعوته، وكل في بلده، فتكثر بهم زمرة المصلحين2.
وما لبث مارد الحسد أن انطلق من حبسه مرة أخرى، فرأى شيوخ القبائل أنها دعوة إلى التوحيد والاجتماع، وهم متفرقون أعزة بتفرقهم ولكل منهم سلطان وجاه، وقد صارت الأحكام إلى العرف والعادة وهي مقبولة من المحكومين مهما كانت باطلة أو حراما.