إمامة الدين لمحمد بن عبد الوهاب -وهي الإمامة الكبرى- ومعها ما يقيم أمور الدنيا ومصالح المؤمنين من تدبير مال أو شن حرب وعقد صلح. وأن تكون رياسة الدولة لمحمد بن سعود رياسة تحت راية الدين منذ حدث ذلك وفّى كل منهم لصاحبه أو لعقده الذي عقده وصفت قلوبهما عن صدق ظاهر وباطن، ثم انتقل هذا الصدق في الوفاء والصفاء إلى ذريتهما فحلا مقيمين لا يرتحلان من نفوس الأولاد والأحفاد.
وكان مظهر الحب والإخلاص باديا في الدرعية بأجلى المظاهر، فكانت دار الشيخ حافلة بالأمير وآله من آل سعود لا ينقطعون عنها ليلا ولا نهارا، يتلقون عنه دروس التوحيد، ويجلسون بين يديه في حشمة ووقار، فأعادوا هيبة دروس القرآن والحديث وهيبة شيوخ الأمة حيث لم يكن الطلاب يجرؤون أن يسألوهم إلا إذا بدؤوهم بالكلام1.
وكما حدث من محمد بن سعود من الطاعة للشيخ والاهتداء به حدث من ابنه عبد العزيز له، وسار كل منهما وفيّا لصاحبه عاملا بأقصى ما فيه من جهد وإخلاص على تجديد ما اندرس من معالم الدين، وعلى توحيد ما فرق من القلوب والبلدان.
فلما صرع عبد العزيز في سنة 1318 هـ - 1804 م بويع لابنه الأمير سعود، وكان الشيخ الإمام هو الذي أخذ له البيعة بعد أبيه في 1302 هـ أي قبل مصرع أبيه بستة عشر عاما عاشها سعود كلها وليا لعهد أبيه، وقد كان أحق بها لأنه كان أكبر أبنائه سنا وأشدهم بأسا وأنفذهم بصيرة وأكثرهم تفانيا في الدعوة إلى خالص التوحيد2.
ومن بعد الشيخ كان حسين وعلي وعبد الرحمن وعبد اللطيف ومن