لما أصابهم من الأذى في سبيل الله، وكان أول ما لقي شيخهم من الأذى ما أصابه في اليمامة من ابن عمه عبد الله بن حسين من آل سنان حين جادله فيما سماه عبد الله بالابتداع ولوح له بالسيف فجرحه في يده وجمع له بني تميم فأخرجوه، ولم يبد من الشيخ أنه رد على هذه الأذية بعد أن اقتدر، وكأنه اهتدى بهدي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حين دعا الله لقومه الذين أخرجوه وقاتلوه قائلا: " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "، فلم يقتصر رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على السكوت، بل عفا عنهم وأشفق عليهم ثم اعتذر عما جهلوا لتكون الرحمة مرجوة والغفران مقبولا1.
ثم وفَّى محمّد وأهله في بيعتهم لله فصبروا في كال هزيمة نزلت بهم ولم ينكسوا لدعوة راية، ولم يحوروا فيها بالتليين والترقيق لئلا تخرج عن الجادة المستقيمة بل مضوا قدما يحملون الراية واحدا في إثر واحد وهم يؤمنون بنصر الله. وضرب الله وقعة أحد مثلا رائعا لأصحاب الحق إذا انكسروا عن خطأ أو ظلم. فاتخذها ابن عبد الوهاب درسا لنفسه وللأمراء والجند إذا انهزموا في معركة من المعارك، وكان يؤثر الوعظ بها فيؤثر في النفوس تأثيرا بالغا، فترتد القلوب إلى الصدور إذا بلغت الحناجر وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا2.
وحين خرج محمد بن عبد الوهاب من العيينة إلى الدرعية ولقيه أميرها محمد ابن سعود هو وابنه عبد العزيز وكثير من أهل بلده وتلقوه جميعا بالإجلال والترحيب وأنزله ابن سعود في منْزله بعد أن أخلاه له وآثره به، وتبايعا على نشر الدعوة وتقويم الطريقة، وتعاقدا على أن تكون