وهو في رحلته، ثم صار يدون من القرآن والحديث ما يبرهن به على كل بدعة ويثبت فسادها، ومن أجل ذلك جاء كتابه في التوحيد حافلا بالكلام عن العبادات والعادات والطقوس الزائفة والبدع التي عمت الأمصار والبوادي، ولم ينس فيه فساد آداب المجتمعات ومغالاة الناس في الهزل وإطلاق الألقاب، كما لم ينس أن يحارب التأويل وجحدان أسماء الصفات وبدع الجهمية في التعطيل، ثم أوضح كراهة الحلف والتصوير والسماع.
وربما جاء في الكتاب ببابين أو أكثر في موضوع واحد كما فعل في السحر، مما يثبت أنه كان يكتب ما يراه ثم يعود إليه فيكمله إذا رأى فيه جديدا ويجعله بابا مستقلا1.
هذا ولم يغفل محمد بن عبد الوهاب أن يكون من أسباب دعوته ووسائلها الاستعداد والرمي وبناء الجيوش والحصون وموازنة الأموال وإقامة العدالة وتأليف القلوب وتأمين السبل ولا سيما طريق الحج، وباتخاذ الأنظمة التي تكفل قيام الدولة وبقاءها في حدود الشريعة الإسلامية وحمايتها2.
خلق الوفاء:
ولقد كان محمد بن عبد الوهاب وآله أوفياء بكل عقد عقدوه بينهم وبين الله أو بينهم وبين الناس، وهي صفة المؤمن الخالص في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة من الآية: 1] .
أما وفاؤه ووفاء أهله لما عاهدوا الله عليه فإنهم صبروا جميعا