استوى له النظر وصدق العزم خرج إلى قومه بني تميم يحمل في يده كتيبا صغير الحجم -ولعله هو الذي أعده من أصول التوحيد وكتبه واضحا موجزا مجملا- ثم قال: أشهد الله أني مقتف ما في هذا الكتاب، وأنا أقول: إن الذي سُطِّر فيه هو الحق وحده لا غير.
وكان هذا بدءا من الداعية فيه كمال الروعة إذ بدأ بنفسه لتكون قدوة، وأشهد عليها أنه عامل بما في كتابه، ولم يقل كلاما يصح أن يغبر عليه ويتهم بما لم يقله، بل قدمه مدونا مكتوبا لتكون الحجة له فلا يغيَّر قوله ولا يزيَّف، وكأنما كان يحس بما حدث من بعد من اتهامه بالابتداع، فأراد أن يفقأ عيون متهميه بما هو مدون مكتوب.
وتقدم منه كبير من قومه الذين كانوا اجتمعوا له ونظر في الكتاب فإذا هو الحق، إلا أنه لم يرسم فيه طريق الدعوة له وضمان نجاحها فسأله عنهما فقال الشيخ: بالنصيحة فإن لم تجد فإلى السيف1.
وبدت وسائل الدعوة عند الشيخ كلاما وكتابة وسيفا، ومن وراء هذه كلها علم وسياسة وإرادة وتصميم، وسير في حدود الشريعة التي لا ينكرها منكر وركز الشيخ دعوته ودون أركانها في رسائل موجزة مستندة إلى النصوص حتى تكون حجة لا تغلب، فدون ثلاثة الأصول وأدلتها وأربع القواعد وشروط الصلاة وكشف الشبهات ورسالة المغربي وكتاب التوحيد2.
أما ثلاثة الأصول فمعرفة العبد ربه بآياته ومخلوقاته، والله هو مستحق