خرجت إليها عن التوحيد الصافي.
ومن قبل الوهابية وقف عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- في عزم وشدة ضد كل عمران يراد به الزينة والأبهة دون الحصب والإنتاج، وكان العدل عنده وإسعاد الناس أولى من هندسة المدن وتنظيمها وترميم المساجد وتذهيبها، فلم يجدد كسوة الكعبة حين بليت وباع سلاسل الذهب من مسجد دمشق وعوضها صفراً وحديداً، وكان يريد طمس كل زينة في المسجد، حتى عرف أنه صار شوكة في عين الروم فتركه باقياً بزينته وغناه.
وكذلك أرادت الوهابية والسعودية، ولكن الأمر حين صار إلى السياسة فعلت كما فعل عمر، وكان حين دخل سعود الأكبر ابن عبد العزيز حاجا إلى مكة لأول مرة في عام 1227 هـ دخل إليها حاملا كسوة الكعبة من العباء الثمين الذي يغزل من الصوف ويجلب من الحساء.
ومحمد علي وتركيا معا قد جنيا الشوك من جراء الحرب الوهابية، فَقَدْ فَقَدَ محمد علي من جنده وماله كثيراً، وأوقع مصر في فقر وضنك وخراب -وسنأتي على وصفه في الباب الأخير بالكتاب من كلام المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي معاصر هذه الحروب- ولم يجد محمد علي ما كان يأمله من ثروة في بلاد العرب في الجنوب الذي كان انصرف إليه حينا، ثم لم تشفع له انتصاراته لدى الباب العالي، بل تعقدت المشاكل بينهما، وبان أن الأتراك أوقعوا والي مصر في مشكلة لا تحل، ولم تكن في صالحهم أو صالحه سواء حلت أو تعقدت، لأنها أعضل من أن تسهل أو تهون. ومن ناحية الفكر فقد صار الجدل في حركة الإصلاح على كفتي