المتطوعين، ولكنه بقي في المكان الذي نبعت منه قوته وهو مكان الوعظ والفتوى.
ويوصف ابن عبد الوهاب بالصبر والصمود، وقد خرج من العارض باليمامة إلى الرحلة أكثر من عشرين عاما جمع فيها من العلم والمعرفة ولقي فيها من شظف العيش وسطوة الظلم ما اصطبر عليه.
فلما خرج من العيينة محتميا بالدرعية ثم هزمت صفوفه هزائم كثيرة لم يعدل من مسيرته ولم يخفض من جهده، وكان كلما زاد عدوه عدوانا وضراوة ازداد هو رباطة وثباتا، وكان فيما اتصف به من رباطة الجأش مقتديا بالرسول الأعظم ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ومؤتسيا بصحبه وأتباعه ممن نصعت سيرتهم في البلاد والأجيال والأزمان، ثم كان هو قدوة لكل صاحب دعوة في سبيل الله.
ولم يكن الداعية النجدي قائدا متهورا، وطالما نصح للأمراء والقادة والجند بالتريث قبل دخول المعارك اتقاء للهزيمة. والقادة الحكماء هم الذين لا يتمنون لقاء العدو بل يرجون أن يكون النصر يجنونه بغير خسائر أو بأقلها. وكذلك كان قائد بني تميم.
ومن صفته أنه كان رجلا صادقا خالص الإيمان وفيا، وشاهد ذلك ما تركه في أولاده وذريته واتباعه من الصدق والإيمان والوفاء، وقد كان مخوفا أن تخمد الدعوة لو أنها انبعثت من صوت رجل يريدها لنفسه وجاهه، فإذا مات انتهت بموته، ولكن هذا الداعية الصادق الوفي ترك من بعده أمة كاملة تتبع دعوته وتحرص عليها.
ولأنه لم يكن طامعا في ملك ولا رياسة فقد حصر همه في تخليص