ومنذ أن سطع نجمه في نجد، وشاع بين النجديين حفظه وفهمه أقبل عليه كل ذي مسألة يستوعبه فأفتاه، وكل ذي همة فقبل دعوته وصار له نصيرا.
نزعته وميله:
ومما لم يكن معه بد أن محمد بن عبد الوهاب كان مطبوعا على ما نشأ عليه في أسرته ذات الدين والسمعة العريضة برعاية أحكامه، ثم تزود بكثير من نواحي المعرفة، ثم رأى مجتمعات مختلفة تموج بالصلاح والفساد، وعاشر أقواما وأجناسا تختلف طباعها وتتفق، وتتباين صفاتها أو تتقارب.
أما المجتمعات فقد رأى الأجناس والأنواع وتباين الطباع والأخلاق وطرائق السلوك والمعايش، وأنواع العبادات والطقوس، ورأى فروق ما بين الحضر والبدو; وفروق ما بين الحواضر والحواضر.
والمرتحل مع العلم والصدق يعود محتقبا جعابا كثيرة من الأفكار ويتردد بينها فيصل ويفصل ويجمع ويفرق ويكره ويستحسن، وتراه حريصا على أن يستفيد منها كلها دون أن يهون من شأن ما لا يستحق التهوين. ولكن الذي يرجع وقد ركز فكره في أمر واحد وجعل كل همه فيه لا بد أن يكون قد تملكته نزعة واستهواه ميل نحو عالم من العوالم التي رآها وعرفها فيوجه نشاطه إليه ويوليه هذا النشاط على ديمة واستمرار.
ولا يسمى الميل أو النّزعة باسميهما إلا إذا اتجها إلى ناحية خاصة من