يسيرون في ضلالة، ونام الفكر الإسلامي الصافي نومة طويلة تحت غطاء كثيف من الظلام.

ولكن كانت تتخلله أضواء نجوم ولمعات بروق ما تلبث أن تنطفئ وتختفي بعد ومضات قصيرة، وذلك لضآلتها وصغرها بجوار عظيم المحنة، ولضعف أضوائها وسرعة خطفها في ظلمات غامرة؛ ولأن عيون الناس لا تسهر لتكشف مطالعها، وهي إذا استبانت وطلعت لا تعبأ بها لأنها واقفة لا تريد أن تتحرك وعمياء لا تود أن تسري إلى غاية من الغايات.

وكان للدين شيوخ في كل بلد ولكن لم يصر لأحد منهم من القدر والمكانة ما ينبه النقوس إليه إلا بقدر الحاجة إليه في الدروس أو الأحاديث في المدارس والندوات، وبقدر الرغبة فيه للتسلية أو الفتوى في المسائل والخلافات.

ووجدت الطوائف الباغية سبلا لأفكارها حتى تنتشر وتثبت، ومن ذلك ما وجده الخوارج والقدرية والقرامطة والراوندية وغيرهم من نفوذ بين الجماهير وأحيانا كثيرة بين ذوي العقول والمفكرين.

واصطنعت الطوائف الخارجة عقائدها كما تشاء، ولم تكن تخشى أن تصنعها مضطربة أو متضاربة ما دامت تجتاز السدود إلى مناطق الأوهام، ومن هذه الطوائف طائفة القرامطة فإنهم مع اعترافهم بالوحدانية فقد أنكروا الوحي، ومع نزولهم على كثير من أحكام القرآن فقد أذاعوا الزندقة وقوضوا جميع الحواجز التي تصد العباد عن الشر والفساد1.

نزعات التحلل:

ولقد رفض أحمد بن حنبل كل نزعة للتحلل مما جاءت به نصوص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015