السلم أو الحرب وكانوا إذا شالت بهم كفة الميزان حينا وقعت المحنة على النفوس والبلاد وأهلكت الطريف والتلاد.
وقد وقعت المحنة بفيصل فحاربته تركيا وواليها على مصر إذ رأينا نجدا والجزيرة تكاد تظلهما الوحدة تحت لوائه، فلم يجد مفرا من الاستسلام فحمل إلى مصر وظل بها من سنة 1254هـ إلى 1259هـ. وفي غفلة الرقباء فر الشجاع وعاد إلى بلاده سياسيا حكيما يهادن الأتراك ليفرغ إلى وطنه فأعاد الطمأنينة وأمن الطرق وحمى البلاد.
وبموت فيصل في سنة 1282 – 1866م انتهت السعودية الثانية وتنافس ولداه وتقاتلا، وفي ظل تنافسهما وتقاتلهما استفاد الأعداء من العرب والترك فأجهزوا على الدولة الثانية التي شادها الشجاعان تركي وابنه فيصل الإمام1.
ثم لم يَغِضْ ميراث الشجاعة والإقدام في ذرية فيصل حين استسلم أبناؤه إلى الخلاف والعناد فانتقلت منهم الإمارة إلى غيرهم، وبرز هذا الميراث في عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل الذي قرر أن يُخْطِرَ بنفسه ويمضي من سكناه مع أهله بالكويت إلى الرياض مستحثا آله في نجد وفي بلاد الجنوب.
وبرز الفتى الشجاع ذو الدين إلى أمله في بناء الدولة وتصفية التوحيد ووحدة الجزيرة، ولعله لم يكن يبغي كل ذلك أو يحسبه في قدرته، ولكل حمية الدين والعرق قد دفعت به إلى الاقتحام.
والتقت على صفحتي هذا الرجل المقدام نصائح أبيه عبد الرحمن ومواعظ أمير الكويت وهو الخوف من الترك والعرب والعطش في البادية وقلة