فلما أبعد عبد الله بن سعود آخر أمراء السعودية الأولى من نجد بعد انتصار إبراهيم بن محمد علي ورجوعه إلى مصر في سنة 1234هـ واختلف أبناؤه فيما بينهم على الإمارة -طمع أمراء العيينة واجترؤوا على الدرعية وصار لهم الأمر في ظاهره، إلا أنه لم يمض غير عام واحد أو أقل من عام حتى انتصر في المصاولة أمير سعودي شجاع هو تركي بن عبد الله الثاني ابن محمد بن سعود.
وفي شجاعة وجسارة استطاع تركي أن يهرب من حصار ضربه الأتراك على الرياض، وسرعان ما تحول إلى مهاجمة المحاصرين. وجد في المهاجمة فاسترد الرياض وجعلها مقرا له، وظهر ما كان قد بطن من حب الناس له ولآل الشيخ فدانت له نجد كلها، كما انتصرت مرة أخرى لأحكام الشرع الحنيف.
وما من ريب في أن غزاة البلاد كانوا فيما بين انتصارهم وفك الحصار عن الرياض قد أشاعوا الفوضى وأطلقوا الأشرار وقطعوا الطريق وشجعوا الخلاف بين الرؤساء ليقيموا ملكا على الخرائب، ثم لم يلبثوا أن عجزوا أن يقيموا ملكا على الصالحين أو الطالحين.
وكما استشهد عبد العزيز في السعودية الأولى اغتيالا استشهد تركي في هذه السعودية الثانية اغتيالا، فأعلن فيصل ابنه نفسه إماما وأميرا على نجد، وكان جديرا بهما معا، إذ كان شجاعا لا يهاب، كما كان من أكثر آل سعود تقى وحمية وغيرة على الدين1.
وهكذا في الأنصار والخصوم معا ظهر شرف الدعوة النجدية، فقد رفعت من صفات أتباعها وأخلاقهم في كل سلوك فردي أو جماعي في