الدين والتفرغ لها، ولن يكون أئمة في هذه الملة إلا إذا تفرغوا لهذه العلوم.

وقد حسب بعض الأتباع -فيما بعد- أن الإمام كان خصما لما عدا علوم الدين من علوم، ولكن أحدا منهم لم يدل بحجة في أن الإمام منع الناس أن يتعلموا ما ينفعهم ويرفع شأنهم في دنياهم من علوم الدين وعلوم الدنيا، وقد تعلم هو منها حتى ارتوى، فمضى أمر التعلم على سجيته السمحة في الدولة الأخيرة، وكان الفضل لذوي العلم البصراء من آل الشيخ الإمام.

وقد تشبثت الإمارة السعودية الأولى في نجد بأن ترسل معلميها إلى النواحي لئلا يقتصر التعليم الديني على نجد ففرض أيضا على القبائل والبلدان التي تطلبه والتي لا تطلبه، لأن علماء نجد درسوا على الشيخ الإمام وكانوا من أهله ومن غير أهله، فصاروا أوسع الناس معرفة بحدود التوحيد وبكل ما يخرجه عن هذه الحدود.

مطاردة الأوهام:

ولقد يكون في الإمكان أن تنشأ دولة قد انتظمت فيها الأمور وتحددت الحدود وعني فيها بالتعليم واستقرار الأمن من حيث تكون دولة كافرة بالألوهية أو وثنية مشركة، ولا تكون دولة إسلامية إلا إذا برئت عقيدتها من الكفر وتنَزهت هي وطقوسها عن عبادة الأوثان واتخاذ الشركاء، وصار مآل أنظمتها كلها في خدمة عقيدة التوحيد.

وقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران من الآية 110] ، إنما هو تقرير بأن الأمة الإسلامية هي الوسط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015