المسبة بالفداء، فأبى الرجل، فعزز حاكم الشرع -وكان هو الإمام محمد بن عبد الوهاب- أن يؤدب المذنب بالعصا ككل الناس، وتلقى الأمير الضرب وهو يقول: سمعا وطاعة لما يحكم به الشرع الحنيف.

وسرى الخبر إلى آل سعود وإلى الرعية، فحمد جميع الناس هذه العدالة التي تنتمي إلى الفضل والنبل، وصارت سابقة في الحكم أقرها من بعده ولده سعود وحفيده عبد الله بن سعود1.

وأما في التعليم فقد حرص محمد بن عبد الوهاب على نشر العلوم المرغوبة، وحث أن يتعلم الناس ما تعلمه هو من قبل، من علوم الآلات: آلات العربية من نحو وشعر وبلاغة وبيان، وحض على أن يتعلم المتعلمون في مدارسهم وبيوتهم ومجتمعاتهم شعر الحماسة، والشعر الذي يحث على التخلق بالمكارم والاستمساك بأهداب الدين.

وهذا الباب في لغتنا أهملته الدول العربية فلم يعد له من ظهير يشد ظهره ويقوي شأنه، وأطلقوا للمعلمين وطلبة العلم أعنة البرامج، يعرفون من الشعر ما يسلك بهم كل سبيل إلا سبيل الجد، وشاعت في فصول الدراسة القاعدة التي تقول "إذا سلك الشعر سبيل الخير لان" 2، وفي ذلك إطلاق للغرائز وتحسين للشر ومخالفة لآداب الدين وسنة الأولين.

ولكن ابن عبد الوهاب لم يفته ذلك، وكأنه وحده الذي بقي على القويم من دينه والإخلاص لأمته، ففرض أن يكون الشعر الذي يقبل عليه المتعلمون هو شعر الحماسة وشعر الدين، وكان ذلك منه اقتداء بإمامه أحمد بن حنبل الذي كانت له قصة في هذا الشأن مع أبي العباس ثعلب نضو أبي العباس المبرد -وكانا معا إمامي العصر العباسي كله في اللغة والأدب والشعر-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015