التأديب والتعليم:

وسادت بين الناس في هذه الدولة أخلاق وآداب في المبادلات والمعاملات هي أخلاق الإسلام وآدابه، ورسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول: " الدين المعاملة ". وامتنع الجدال الآثم بين الناس، وما داموا قد رجعوا إلى نصوص الدين وامتنع الرأي والتأويل -كما هو مذهب أحمد وأهل السنة- فقد امتنع ذلك الجدال، وإن كان الرجوع لم يمنع العلماء من الاجتهاد في نطاق النصوص والفروع، وهو مجال الاجتهاد عند أئمة المسلمين.

وفي الآداب العامة اختفي السب والشتم، وكان قد صار أقل ما يرمى به خصم من خصمه عند النّزاع أو بغيره، وقد كانت المساواة التي فرضت بين الأفراد عامة سببا في ارتفاع السب والشتم من الأسواق.

ومع هذا الارتفاع فقد كان الإمام يعظ أن يرتفع دائما، وكان الأمير يراقبه فلا يقع بين الخصوم على سبيل الجد أو سبيل المزاح1.

فإذا وقع فيه آثم رفع أمره إلى الحاكم الشرعي فإن ثبت أنه ارتكبه حكم عليه بالتعزير2. وكما حرم السب والشتم على الناس عامة حرم على الأمير، أليس الناس متساوين؟!

وارتكب الأمير عبد العزيز الذنب أو هفا الهفوة فسب رجلا لعله أضجره في مجلسه، ولكنه لم يقترف ما يدعو إلى أن يخرج الأمير عن وقاره فلما انقضى المجلس مضى الرجل إلى محمد بن عبد الوهاب فشكا إليه الأمير، فأرسل إليه الشيخ أن يأتيه، فلما جاءه أجلسه مع خصمه ولم يفرق بين مجلسيهما وقال: إن الدين لا يسعه إلا هذه المساواة. ثم تخاصما، فاعترف الأمير بذنبه، وعرض على خصمه أن يشتري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015