الليلة الأبطح، وكان يريد أن يجتمع به ويفاوضه في الخلافة، فالتقيا وتحادثا طويلاً واشتد بينهما الجدل، وكان فيما قال الحصين لابن الزبير وهو يدعوه للخلافة: إن يك هذا الرجل قد هلك فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هلم فلنبايعك، ثم اخرج معي إلى الشام، فإن هذا الجند الذي معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فوالله لا يختلف عليك اثنان، وتؤمن الناس، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك، والتي كانت بيننا وبين أهل هذه الحرة. فقال عبد الله: أنا أهدر تلك الدماء؟ أما والله لا أرضى أن أقتل بكل رجل منهم عشرة منكم، وكان الحصين يكلمه سرًا، وهو يجهر جهرًا ويقول: لا والله لا أفعل. فقال له الحصين: قبح الله من يعدك بعد هذه داهيًا قط أو أريبًا، قد كنت أظن لك رأيًا، ألا أراني أكلمك سرًا وتكلمني جهرًا، وأدعوك للخلافة وتعدني للقتل والهلكة (?)، وبعد أن افترقا، أدرك عبد الله خطأه في موقفه مع الحصين عندما عرض عليه الخلافة ومرافقته إلى بلاد الشام، وأراد أن يصحح هذا الموقف، وكان الحصين يستعد للعودة بجنده إلى دمشق، فأرسل إليه يقول: أما أن أسير إلى الشام فليس فاعلاً وأكره الخروج من مكة، ولكن بايعوا لي هناك فإني مؤمنكم وعادل فيكم، فرد الحصين بقوله: أرأيت إن لم تقدم بنفسك، ووجدت هناك أناسًا كثيرًا من أهل هذا البيت يطلبونها ويجيبهم الناس، فما أنا صانع؟ (?) وذكر البلاذرى أن عبد الله بن الزبير طلب من الحصين مهلة لاستشارة أصحابه عندما عرض عليه الحصين الأمر، ولكن أصحابه رفضوا الخروج إلى الشام (?).

ويصعب على المرء أن ينفذ إلى أعماق ابن الزبير ويعرف ما كان يدور في خلده والأسباب التي دفعته لرفض عرض الحصين، ولكن هناك مؤشرات عديدة تؤخذ بعين الاعتبار من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015