الواقع السياسي في بلاد الحجاز (?)، منها:
أ- لم تكن للحصين صفة رسمية عندما عرض الخلافة على ابن الزبير، ولم يكن يمثل الأمويين كلهم، رغم أنه قال إن الجند الذين معه هم وجوه أهل الشام وفرسانهم. فكيف يثق ابن الزبير بقائد حملة كان يقاتله قبل أيام ويريد أن يفتك به، وقد ظهرت المناقضة عند الحصين بقوله بعد ذلك: أرأيت إن لم تقدم بنفسك ووجدت هناك أناسًا كثيرًا من أهل هذا البيت يطلبونها ويجيبهم الناس (?).
ب- إن الذي عرض عليه الخلافة هو أحد قادة معركة الحرّة، وكان حول ابن الزبير عدد من أهل المدينة الذين هربوا من وحشية تلك المعركة، لذلك كان ابن الزبير يرد على الحصين بصوت جهوري، يسمعه من حوله من أنصاره ليدفع الشك عن نفوسهم، يطمئنهم على موقفه من الحصين، فقال إنه لا يرضى قتل عشرة من جيش الحصين بكل واحد من أهل المدينة (?).
ج- عدم وجود أنصار - حتى الآن - له في بلاد الشام يمكن أن يعتمد عليهم وينصرونه كما هو الحال في بلاد الحجاز، فأهل الشام كانوا يدينون بالولاء والمحبة والتقدير للأمويين.
د- عدم وجود جيش منظم حقيقي - كالجيش الأموي - عند ابن الزبير، وكل ما نستطيع أن نسمى به المدافعين عن ابن الزبير وعن مكة، أنهم من المقاتلين الذين يجتمعون وقت الشدة ويتفرقون عند زوالها، وهل هناك شدة أكبر من غزو الكعبة؟ وأعتقد أنه لو كان لابن الزبير جيش منظم حقيقي ومدرب مسلح - بحيث يستطيع هذا الجيش نصرة ابن الزبير لتوجه مع الحصين بن نمير، ولتم له النجاح (?).