هذا أعمُّ من اللفظ الأول فيحتجُّ به في إبطال جميع العقود المنهيَّة وعدم وجود ثمراتها المرتبة عليها، وفيه ردُّ المحدثات، وأن النهي يقتضي الفساد؛ لأن المنهيات كلها ليست من أمر الدين فيجب ردُّها، ويُستَفاد منه أن حكم الحاكم لا يغير ما في باطن الأمر؛ لقوله: ((ليس عليه أمرنا)) والمراد به أمر الدين، وفيه أن الصلح الفاسد منتقض والمأخوذ عليه مستحق الرد، اهـ.

وقال البخاري: باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ)) ، وقال أيضًا: ((إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد)) ، وأورد قصة خالد وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أبرأ إليك ممَّا صنع خالد بن الوليد)) ، قال ابن بطال: الإثم إن كان ساقطًا عن المجتهد في الحكم إذا تبيَّن له أنه بخلاف جماعة أهل العلم لكن الضمان لازمٌ للمخطئ عند الأكثر مع الاختلاف هل يلزم ذلك عاقلة الحاكم أو بيت المال؟

قال الحافظ: والذي يظهر أن التبرُّؤ من الفعل لا يلزم منه إثم فاعله ولا إلزامه الغرامة؛ فإن إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود اهـ، والله أعلم.

* * *

الحديث الثاني

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015