الأصل في القضاء ومشروعيته: الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله - تعالى -: {يا دَاودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26] ، وقال - تعالى -: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] ، وقال - عزَّ وجلَّ -: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] .
وفي الحديث المتفق عليه: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)) .
وعن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وَكَلَه إلى نفسه)) ؛ رواه ابن ماجه، وفي لفظ: ((فإذا جار تخلَّى عنه ولزمه الشيطان)) ؛ رواه الترمذي.
وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار؛ فأمَّا الذي في الجنة: فرجلٌ عرف الحق فقضى به، ورجلٌ عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجلٌ قضى للناس على جهل فهو في النار)) ؛ رواه ابن ماجه وأبو داود.
قال مالك: لا بُدَّ أن يكون القاضي عالمًا عاقلاً، وقال البخاري: يستحبُّ للكاتب أن يكون أمينًا عاقلاً، اهـ.
وعن معاذ بن جبل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه قاضيًا إلى اليمن، قال له: ((بِمَ تحكم؟)) ، قال: بكتاب الله - تعالى - قال: ((فإن لم تجد)) ، قال: فبسنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فإن لم تجد)) ، قال: أجتهد رأيي، قال: ((الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله)) ؛ رواه أحمد.
وكتب عمر إلى معاذ بن جبل وأبي عبيدة حين بعثهما إلى الشام: أن انظرَا رجالاً من صالحي مَن قِبَلَكم فاستعمِلوهم على القضاء، وأوسعوا عليهم وارزقوهم واكفُوهم من مال الله، وقال علي: لا ينبغي أن يكون القاضي قاضيًا حتى تكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الألباب، لا يخاف في الله لومة لائم.
قال الموفق: وله أن ينتهر الخصم إذا التوى ويصِيح عليه، وإن استحقَّ التعزير عزَّره بما يرى من أدب أو حبس.
قوله: ((مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)) قال الحافظ: هذا الحديث معدودٌ من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، فإن معناه: مَن اخترع في الدين ما لا يشهد له أصلٌ من أصوله فلا يلتفت إليه.
قال النووي: هذا الحديث ممَّا ينبغي أن يعتنى بحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك، اهـ.
وقال الطرفي: هذا الحديث نصف أدلة الشرع.
قوله: وفي لفظ: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ)) قال الحافظ: