قوله: ((أمسِك عليك بعض مالك)) ، في رواية: "فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر"، ولأبي داود: ((يجزى عنك الثلث)) ، قال ابن المنير: لم يبت كعب الانخلاع بل استشار هل يفعل أو لا، وقال الفاكهاني: أورد الاستشارة بصيغة الجزم.

قال الحافظ: الأَوْلَى لِمَن أراد أن ينجز التصدُّق بجميع ماله أو يعلقه أن يمسك بعضه، ولا يلزم من ذلك أنه لو نجزه لم ينفذ، والتصدُّق بجميع المال يختلف باختلاف الأحوال، فمَن كان قويًّا على ذلك يعلم من نفسه الصبر لم يُمنَع، وعليه يتنزل فعل أبي بكر الصديق، وإيثار الأنصار على أنفسهم المهاجرين ولو كان بهم خصاصة، ومَن لم يكن كذلك فلا، وعليه يتنزل ((لا صدقة إلا عن ظهر غنى)) ، وفي لفظ: ((أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى)) ، اهـ.

وقال ابن دقيق العيد: وفي الحديث دليلٌ على أن الصدقة لها أثر في محو الذنب، ولأجل هذا شرعت الكفارات المالية، اهـ.

تتمَّة:

وعن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة فقال: إن عدت تسألني فكلُّ مالي في رتاج الكعبة، فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفِّر عن يمينك وكلِّم أخاك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة الرحم، ولا فيما لا تملك)) ؛ رواه أبو داود، والله أعلم.

* * *

باب القضاء

الحديث الأول

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ)) ، وفي لفظ: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ)) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015