-صلى الله عليه وسلم - ساعة، فجاءه الوحي، فأشار عمر - رضي الله عنه - إلى يعلى، فجاء يعلى وعلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوب قد أظلَّ به، فأدخل رأسه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمر الوجه وهو يغطُّ، ثم سُرِّي عنه، فقال: ((أين الذي سأل عن العمرة؟)) ، فأتى بالرجل فقال: ((اغسل الطِّيب الذي بك ثلاث مرات وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجَّتك)) ، قلت لعطاء: أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات؟ قال: نعم"؛ رواه البخاري.
قال الحافظ: واستدلَّ بحديث يعلى على منع استدامة الطيب بعد الإحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن، وهو قول مالك ومحمد بن الحسن، وأجاب الجمهور بأن قصة يعلى كانت بالجِعْرَانة، وهي في سنة ثمانٍ بلا خلاف، وقد ثبت عن عائشة أنها طيَّبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديها عند إحرامه، وكان ذلك في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من الأمر، وبأن المأمور بغسله في قصة يعلى إنما هو الخلوق لا مطلق الطيب، فلعلَّ علة الأمر فيه ما خالَطَه من الزعفران، وقد ثبت النهي عن تَزَعْفُر الرجل مطلقًا، محرمًا أو غير محرم، انتهى.
قال الموفق: وإن طيَّب ثوبه فله استدامة لبسه ما لم ينزعه، فإن نزعه لم يكن له أن يلبسه، فإن لبسه افتدى؛ لأن الإحرام يمنع ابتداء الطيب ولبس المطيب دون الاستدامة، وكذلك إن نقل الطيب من موضع من بدنه إلى موضع آخر افتدى؛ لأنه تطيب في إحرامه، وكذا إن تعمَّد مسَّه بيده أو نحَّاه من موضعه ثم ردَّه إليه، انتهى.
قلت: وما ذكره العلماء - رحمهم الله تعالى - من تعمُّد مس الطيب الذي ببدنه وهو محرم لا يحترز منه كثيرٌ من الناس، وقد لا يتطيَّب بعض الجَهَلة حتى يحرم، فإذا كان المقصود من ترك الطيب للمحرم عدم الترفُّه فالأولى عندي ترك استدامته كما قال مالك خصوصًا لراكبي السيارات، فإنهم يقطعون الطريق في مسافة قليلة، والطيب عند الإحرام إنما يُقصَد به دفع الرائحة الكريهة بعد ذلك، والله أعلم.
وقد روى ابن ماجه في "سننه" والبغوي في "شرح السنة" عن ابن عمر قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما الحاج؟ قال: ((الشَّعِثُ التَّفِلُ)) .
وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كان يوم عرفة إن الله