وَجعله دَلِيلا على ربوبيته وَإِنَّمَا قيل لَهُ الْمقنع لِأَنَّهُ كَانَ يقنع رَأسه لِأَنَّهُ كَانَ قَبِيح الْوَجْه جدّاً وَكَانَ من خَبره أَنه كَانَ أوّل أمره قصاراً من أهل مرو وَكَانَ يعرف شَيْئا من السحر والنيرنجيات فادّعى الربوبية من طَرِيق المناسخة وَقَالَ لأشياعه أَن الله تَعَالَى تحوّل إِلَى صُورَة آدم فَلذَلِك قَالَ للْمَلَائكَة اسجدوا لَهُ فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس فَاسْتحقَّ بذلك السخط ثمَّ تحول من صُورَة آدم إِلَى صُورَة نوح وَهَكَذَا إِلَى صور الْأَنْبِيَاء والحكماء حَتَّى حصل فِي صُورَة أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي ثمَّ زعم أَنه انْتقل إِلَيْهِ فَقبل قوم دَعْوَاهُ وعبدوه وقاتلوا دونه مَعَ مَا عاينوا من عَظِيم ادعائه وقبح صورته لِأَنَّهُ كَانَ مُشَوه الْخلق أَعور لَكِن إِنَّمَا غلب على عُقُولهمْ بالتمويهات الَّتِي أظهرها لَهُم بِالسحرِ والنيرنجيات وَكَانَ فِي جملَة مَا أظهر لَهُم صُورَة بدر يطلع فيراه النَّاس من مَسَافَة شَهْرَيْن من مَوْضِعه ثمَّ يغيب فَعظم اعْتِقَادهم فِيهِ وَلما اشْتهر أمره ثار عَلَيْهِ النَّاس وقصدوه فِي قلعته الَّتِي كَانَ قد اعْتصمَ بهَا وحصروه فَلَمَّا أَيقَن بِالْهَلَاكِ جمع نِسَاءَهُ وسقاهن سما فمتن مِنْهُ ثمَّ تنَاول شربة من ذَلِك السم فَمَاتَ وَدخل الْمُسلمُونَ فَقتلُوا من فِيهَا من أشياعه وَذَلِكَ فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة انْتهى وللعمادي

(صب تحكم فِي حشاه وَجَسَده ... إِن جَار متلفه عَلَيْهِ فعبده)

(يَا من جَفا جفني لذيذ مَنَامه ... لما تصدّى لي جفاه وصدّه)

(أستعذب التعذيب فِيك وكل مَا ... ترضاه لي وَلَو أَن روحي ضدّه)

(أَحْبَبْت تسهيدي فرحت أحبه ... وَأَرَدْت إتلافي فلست أردّه)

(وجفوتني فجفوت نَفسِي رَاضِيا ... لَا يَنْبَغِي من لَا تودّ أودّه)

وَهَذِه الأبيات أجراها على أسلوب أَبْيَات أبي الشيص الْمَشْهُورَة وَهِي

(وقف الْهوى بِي حَيْثُ أَنْت فَلَيْسَ لي ... مُتَأَخّر عَنهُ وَلَا متقدّم)

(أجد الْمَلَامَة فِي هَوَاك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوّم)

(أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إِذا كَانَ حظي مِنْك حظي مِنْهُم)

(وأهنتني فأهنت نَفسِي صاغراً ... مَا من يهون عَلَيْك مِمَّن يكرم)

وَمن مقطوعاته قَوْله مضمناً قَول أبي تَمام

(واوات أصداغه للْعَطْف بالأرب ... وَسيف ألحاظه ينبي عَن العطب)

(وَالنَّفس بَينهمَا حارت فَقلت لَهَا ... السَّيْف أصدق إنباء من الْكتب)

وَمن لطائفه قَوْله فِي مدح آل الْبَيْت وَبَيت الصّديق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015