إِذا لم يُحِبُّوا الزائر وَلَا الْمُسَافِر أَن يرجعا أوقدوا خَلفه نَارا وَقَالُوا أبعده الله وأسحقه ونار الْحَرْب وَتسَمى نَار الأهبة يوقدونها على يفاع إعلاماً لمن بعد مِنْهُم ونار الصَّيْد يوقدونها للظباء لتعشى أَبْصَارهم ونار الْأسد يوقدونها إِذا خافوه لِأَنَّهُ إِذا رَآهَا حدّق إِلَيْهَا وتأملها ونار السَّلِيم توقد للملدوغ إِذا سهر والمجروح إِذا نزف وَمن الْكَلْب الْكَلْب يوقدونها حَتَّى لَا يَنَامُوا ونار الْفِدَاء كَانَت مُلُوكهمْ إِذا سبوا قَبيلَة وَطلب مِنْهَا الْفِدَاء كَرهُوا أَن يعرضُوا النِّسَاء نَهَارا لِئَلَّا يفتضحن ونار الوسم الَّتِي يسمون بهَا الْإِبِل لتعرف إبل الْمُلُوك فَترد المَاء أَولا ونار الْقرى وَهِي أعظم النيرَان ونار الحرمز وَهِي النَّار الَّتِي أطفأها الله لخَالِد بن سِنَان الْعَبْسِي احتفروا لَهُ بِئْرا ثمَّ أَدخل فِيهَا وَالنَّاس يرونه ثمَّ اقتحمها وَخرج مِنْهَا انْتهى عوداً إِلَى مَا نَحن بصدده وللعمادي من لطائف الْأَشْعَار مَا رقّ وراق فَمن ذَلِك قَوْله فِي الْغَزل

(أكفكف دمع الْعين خوفًا وأكتم ... عَن النَّاس والمخفي فِي الْقلب أعظم)

(وهبني كتمت الدمع عَنْهُم تجلداً ... على حر نَار فِي الحشا تتضرم)

(أيخفى نحول الْجِسْم عَن عين نَاظر ... وَهل ذلة النَّفس العزيزة تكْتم)

(لقد شهد العدلان فِيمَا كتمته ... وهيهات أَن يخفى الْمُحب المتيم)

(كلفت ببدر مَا تجلى بِوَجْهِهِ ... لبدر الدجى إِلَّا انجلى وَهُوَ مظلم)

(وَيسْتر فِي أوراقه الْغُصْن خجله ... إِذا مَا بدا مِنْهُ قوام مقوّم)

(وَكم من وشَاة نازعوا فِي جماله ... فَلَمَّا تبدّى يخجل الشَّمْس سلمُوا)

(إِذا لَام يَوْمًا عاذلي فِيهِ أنني ... أَصمّ وَسمع اللوم عِنْدِي محرّم)

(وَقد كنت أَهْوى الْحسن فِي كل صُورَة ... فقنعني هَذَا الحبيب المعمم)

قَوْله فقنعني من القناعة وَفِيه إِيهَام الْمُقَابلَة بَين الْمقنع وَهُوَ المستور وَيخْتَص بِالنسَاء والمعمم وَيُقَال على الذكران من الحسان وَمن التعبيرات قَوْلهم فلَان على طَريقَة ابْن أَكْثَم من الْإِعْرَاض عَن الحبيب الْمقنع والميل إِلَى المعمم وَيحسن فِي هَذَا الْمحل قَول أبي الْعَلَاء المعري

(أفق إِنَّمَا الْبَدْر الْمقنع رَأسه ... ضلال وبغي مثل بدر الْمقنع)

وَوَقع فِي شعر ابْن سناء الْملك

(رويداً فَمَا بدر الْمقنع طالعاً ... بأفتك من ألحاظي بَدْرِي المعمم)

وَكِلَاهُمَا إِشَارَة إِلَى بدر وأظهره رجل سحار فِي بِلَاد الشرق واسْمه عَطاء الْخُرَاسَانِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015