الْفُضَلَاء وَمَا اتّفق فِي زَمَنه من نفاق سوق الْأَدَب ورواق سعر الشّعْر لم يتَّفق فِي زمن غَيره من الْقُضَاة وَكَانَ أدباء ذَلِك الْحِين كالشاهيني والأمير المنجكي لَا ينفكون عَن مَجْلِسه إِلَّا نَادرا وَيَقَع بَينهم محاورات ومطارحات وَلَهُم فِيهِ مدائح لَو أفردت بالتدوين لجاءت فِي مجلدة فَمن ذَلِك مَا قَالَه الشاهيني فِيهِ
(يَا سيدا فَوق مَا قَالُوا وَمَا كتبُوا ... وَفَوق مَا وصفوا دهراً وَمَا نسبوا)
(وَيَا وحيداً رأى الشَّام الشريف بِهِ ... أَضْعَاف مَا قد رَأَتْ من عدله حلب)
(وَيَا مجيداً وَصفنَا بعض سؤدده ... وفاتنا مِنْهُ مِقْدَار الَّذِي يجب)
(وَيَا كَرِيمًا رَأينَا من بدائعه ... مَا قصرت دونه الْأَخْبَار والكتب)
(سعيت نَحْوك شوقاً طَالبا أدباً ... يَا من لَدَيْهِ يصاب الْعلم وَالْأَدب)
(فصدّني عَنْك حظى والحجاب بِهِ ... وَلَيْسَ نور ذكاء تمنع الْحجب)
(فَعَاد عَنْك بِطرف مطرق رمد ... وَقد تذكر بَيْتا صوغه عجب)
(لَيْسَ الْحجاب بمقص عَنْك لي أملاً ... إنّ السَّمَاء ترجى حِين تحتجب)
(وَاعْلَم بِأَنِّي محب لَا لشائبة ... وَلَيْسَ من رِيبَة تخشى فتجتنب)
(وإنني بك رَاض فِي معاملتي ... لأَنْت يَا سَيِّدي قَاض ومحتسب)
(واسلم فإنّ دُعَاء بتّ أرْسلهُ ... إِلَيْك حَقًا نَظِير الْغَيْث ينسكب)
وللأمير المنجكي فِيهِ من جملَة مدائح مَذْكُورَة فِي ديوانه
(آلى الزَّمَان عَلَيْهِ أَن يواليكا ... يثني عَلَيْك وَلَا يَأْتِي بشانيكا)
(فَإِن سَطَا فبأحكام تنفذها ... وَإِن سخا فبفضل من مساعيكا)
(لِيهن ذَا الْعِيد حَظّ مِنْك حِين غَدَتْ ... علاهُ ثمَّ حلاه من أياديكا)
(مُجملا بأياد مِنْك فائقة ... معطراً بغوال من غواليكا)
(وافى يهنى بك الدُّنْيَا وَنحن بِهِ ... يَا بهجة الدّين وَالدُّنْيَا نهنيكا)
(من ذَا يضاهيك فِيمَا حزت من شرف ... وَمن يدانيك فِي حكم ويحكيكا)
(فالشمس مهما ترقت فَهِيَ قَاصِرَة ... عَن بعض أيسر شَيْء من مراقيكا)
(والبدر طود تسامى فَهُوَ محتقر ... إِذا بَدَت وهذي من دراريكا)
(وكل مجد فَمن علياك مكتسب ... وكل فَخر نرَاهُ من حواشيكا)
(وَمَا حكى السّلف الْمَاضِي وحدّثنا ... من السجايا بِهِ إِحْدَى الَّتِي فيكا)
(تعنوا لَرَفَعَتْك الزهاد مذعنة ... ويحسد الْفلك الْأَعْلَى مغانيكا)