(فَقَالَ أَي الندمان أَنْت لَهُ ... تبذل نفسا تضيق حسدها)

(فَقلت لي سادة بهم عذبت ... مناهلي حَيْثُ طَابَ موردها)

(فَكل وَقت يمرّ لي بهم ... أشرف كل الْأَوْقَات أسعدها)

(داموا ودامت لنا فضائلهم ... نَأْخُذ عَنْهَا وَلَيْسَ نفقدها)

وَقد أطلنا حسب الْمُقْتَضى وَلَوْلَا خوف الْخُرُوج عَن الِاعْتِدَال لذكرت من أشعار المترجم شَيْئا كثيرا وَلَكِن فِي هَذَا الْقدر كِفَايَة وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَائِل ذِي الْحجَّة سنة تسع وَتِسْعين وَألف عَن خمس وَسِتِّينَ سنة وَدفن بمقبرة الفراديس والسليمى نِسْبَة لبني سليم من الْعَرَب العاربة وشهرته بطرز الريحان لموشح قَالَه فِي أَيَّام صبوته مطلعه

(طرز الريحان حلَّة الْورْد ... )

فاشتهر بِهِ

عبد الْحَيّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن الْعِمَاد أَبُو الْفَلاح العكري الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ شَيخنَا الْعَالم الْهمام المُصَنّف الأديب المفنن الطرفة الإخباري العجيب الشَّأْن فِي التَّحَوُّل فِي المذاكرة ومداخلة الْأَعْيَان والتمتع بالخزائن العلمية وَتَقْيِيد الشوارد من كل فن وَكَانَ من آدب النَّاس وأعرفهم بالفنون المتكاثرة وأغزرهم إحاطة بالآثار وأجودهم مساجلة وأقدرهم على الْكِتَابَة والتحرير وَله من التصانيف شَرحه على متن الْمُنْتَهى فِي فقه الْحَنَابِلَة حَرَّره تحريراً أنيقاً وَله التَّارِيخ الَّذِي صنفه وَسَماهُ شذرات الذَّهَب فِي أَخْبَار من ذهب وَله غير ذَلِك من رسائل وتحريرات وَكَانَ أَخذ عَن الْأَعْلَام الْأَشْيَاخ بِدِمَشْق من أَجلهم الْأُسْتَاذ الشَّيْخ أَيُّوب وَالشَّيْخ عبد الْبَاقِي الْحَنْبَلِيّ وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن بدر الدّين البلباني الصَّالِحِي وأجازوه ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وَأقَام بهَا مُدَّة طَوِيلَة للأخذ عَن علمائها وَأخذ بهَا عَن الشَّيْخ سُلْطَان المزاحي والنور الشبراملسي وَالشَّمْس البابلي والشهاب القليوبي وَغَيرهم ثمَّ رَجَعَ إِلَى دمشق وَلزِمَ الإفادة والتدريس وانتفع بِهِ كثير من أهل الْعَصْر وَكَانَ لَا يمل وَلَا يفتر عَن المذاكرة والاشتغال وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَكَانَ خطه حسنا بَين الضَّبْط حُلْو الأسلوب وَكَانَ مَعَ كَثْرَة امتزاجه بالأدب وأربابه مائل الطَّبْع إِلَى نظم الشّعْر إِلَّا أَنه لم يتَّفق لَهُ نظم شَيْء فِيمَا عَلمته مِنْهُ ثمَّ أَخْبرنِي بعض الإخوان أَنه ذكر لَهُ أَنه رأى فِي الْمَنَام كَأَنَّهُ ينشد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ قَالَ وأظن أَنَّهُمَا لَهُ وهما

(كنت فِي لجة الْمعاصِي غريقاً ... لم تصلني يَد تروم خلاصي)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015