(لَيْسَ فِي هَذَا عَلَيْكُم كلفة ... إِنَّمَا نطلب شَيْئا هُنَا)
فَكتب إِلَيْهِ من نظمه
(أَنا فِي الْقرب وَفِي الْبعد أَنا ... لَيْسَ فِي الْحَالين لي عَنْكُم غنا)
(أفضل الْأَشْيَاء عِنْدِي حبكم ... وَهُوَ فِي وسط فُؤَادِي مكنا)
(لَكِن الْأَيَّام أشكوها لكم ... جورها قد أورث الْجِسْم الضنا)
فَرَاجعه الْحِجَازِي بقوله
(قد عناني من جفاكم مَا عَنَّا ... إِذْ جعلتم هجركم لي ديدنا)
(لَا أُطِيق الصَّبْر عَنْكُم سَاعَة ... أَنْتُم دون الورى عِنْدِي المنى)
(لَا وَلَا يشفى غليلي قَوْلكُم ... أَنا فِي الْقرب وَفِي الْبعد أَنا)
وَجمعه مجْلِس صُحْبَة أخدان لَهُ فِي بلهنية شبابه فَقَالَ هَذِه الأبيات يمدحهم بهَا
(فديت معاشرا كالزهر أربت ... وُجُوههم على زهر النُّجُوم)
(أحاسن من أكارم صيرتهم ... يَد الْإِحْسَان كالدر النظيم)
(جلونا من محياهم حميا ... تجلى ظلمَة اللَّيْل البهيم)
(جَوَاهِر زينت سلك الْمَعَالِي ... وأعلت راية الْحبّ الْكَرِيم)
(رياض بنفسج وَهنا نفوس ... وكشف كرائب ودجا هموم)
(وألطاف إِذا شملت شجيا ... جلت عَن قلبه كرب الهموم)
(بهم نفس العلى وَالْمجد طابت ... وقرت بالهنا عين الْعُلُوم)
(واصبح عقد جيد الْفضل يزهو ... بدر نظمته يَد الفهوم)
(يعير الْحسن أجياد الغواني ... وَيهْدِي السحر للطرف السقيم)
(ألذ من الصِّبَا لَا خي التصابي ... وألطف من مطارحة النسيم)
وَكتب لبَعض أحبابه فِي صدر رِسَالَة
(أحبتنا مَاذَا نُؤَدِّي رِسَالَة ... وَهل تحصر الأوراق بعض بتاريحي)
(ولكنني أهدي إِلَيْكُم تَحِيَّة ... مَعَ البارق النجدي لَا نسمَة الرّيح)
(فَتلك سراها بالهوينا تعللا ... ولطا لِأَنِّي مُرْسل مَعهَا روحي)
(وَذَلِكَ يهدي لي السَّلَام بلمحة ... فَفرج عَن قلب من الْبَين مَجْرُوح)
وَكَانَ الْحسن البوريني سَافر إِلَى ترابلس الشَّام فِي أَوَاخِر سنة ثَمَان بعد الْألف فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى دمشق حضر علماؤها للسلام عَلَيْهِ وَتَأَخر صَاحب التَّرْجَمَة لمَرض كَانَ